حَدثهُ فِي الْحَدِيثين جَمِيعًا، وَالرجل أحد الثِّقَات أهل الصدْق وَالْأَمَانَة، وَالْغَالِب على الظَّن أَن زيدا أجَازه أَحَادِيثه، وبلغه إِجَازَته أَخُوهُ مُعَاوِيَة، فَحدث يحيى / بهَا عَنهُ قَائِلا: " حَدثنَا " وَكَانَ الْأَكْمَل أَن يَقُول: إجَازَة.
وَالرجل من مذْهبه جَوَاز التَّدْلِيس، بل كَانَ عَاملا بِهِ، فَجَاءَت رِوَايَته عَنهُ مظنوناً بهَا السماع، وَلَيْسَت بمسموعة.
قَالَ عَبَّاس الدوري: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: قَالَ بعض الْمُحدثين: مَا رَأَيْت مثل يحيى بن أبي كثير، كُنَّا نحدثه بِالْغَدَاةِ، ويحدثنا بِهِ بالْعَشي.
يَعْنِي بذلك أَنه كَانَ يُدَلس، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " أَنه كَانَ يُدَلس كثيرا ". فَيَنْبَغِي على هَذَا أَن يكون فِي مُعَنْعَن يحيى بن أبي كثير من الْخلاف - بِالْقبُولِ حَتَّى يتَبَيَّن الِانْقِطَاع، أَو الرَّد حَتَّى يتَبَيَّن الِاتِّصَال - مثل مَا فِي مُعَنْعَن كل مُدَلّس.
ويزداد إِلَى ذَلِك فِي حَدِيث يحيى بن أبي كثير أَنه أَيْضا وَلَو قَالَ: حَدثنَا، أَو: أخبرنَا فَيَنْبَغِي أَن لَا يجْزم بِأَنَّهُ مسموع لَهُ، لاحْتِمَال أَن يكون مِمَّا هُوَ عِنْده بِالْإِجَازَةِ، أما إِذا صرح بِالسَّمَاعِ فَلَا كَلَام فِيهِ، فَإِنَّهُ ثِقَة، حَافظ، صَدُوق، فَيقبل مِنْهُ ذَلِك بِلَا خلاف.
وَاعْلَم أَن حَدثنَا لَيست بِنَصّ فِي أَن قَائِلهَا سمع:
(379) وَقد جَاءَ فِي كتاب مُسلم حَدِيث الَّذِي يقْتله الدَّجَّال، ثمَّ