وَمَعَ هَذَا فَلَا يَنْبَغِي للمحدث أَن يتْرك مثل هَذَا فِي نَقله، فَإِنَّهُ إِذا فعل فقد أَرَادَ منا قبُول رَأْيه فِي رِوَايَته.
وَهَذَا كُله إِنَّمَا يكون إِذا سلم أَن الدَّرَاورْدِي وَعبد الْوَاحِد الرافعين لَهُ، سمعاه مِنْهُ غير مَشْكُوك، فَإِنَّهُ من الْمُحْتَمل أَن لَا يكون الْأَمر كَذَلِك بِأَن يسمعاه مشكوكاً فِيهِ كَمَا سَمعه حَمَّاد، ولكنهما حَدثا بِهِ، وَلم يذكرَا ذَلِك اكْتِفَاء بحسبانه، وعَلى هَذَا تكون عِلّة الْخَبَر أبين، فَاعْلَم ذَلِك.
(279) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي هُرَيْرَة " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن " الحَدِيث مَرْفُوعا.
وَفِيه: " وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف يرفع النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم حِين ينتهبها وَهُوَ مُؤمن ".
كَذَلِك ذكره، وَهُوَ اللَّفْظ إِنَّمَا هُوَ مَرْفُوع عِنْد غير مُسلم، فَأَما عِنْد مُسلم فمشكوك فِي رَفعه، وَلَا يتَبَيَّن لَك هَذَا إِلَّا بسوق الْوَاقِع مِنْهُ عِنْده بنصه.
قَالَ مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، أنبأني يُونُس، عَن ابْن شهَاب، سَمِعت أَبَا سَلمَة وَسَعِيد بن الْمسيب يَقُولَانِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن ".