اعْلَم أَنه لَيْسَ كل من يطالع كِتَابه، ويتعرف مِنْهُ مَا روى، يعرف كل من يَعْزُو إِلَيْهِ مَا يذكر من جَمِيع مَا فِيهِ، وَإِن اتّفق لبَعْضهِم أَن يعرف الْمَشَاهِير مِنْهُم، كمالك، وَالْبُخَارِيّ، فَإِنَّهُ رُبمَا لَا يعرف ابْن سنجر وَلَا أَبَا سعيد الْمَالِينِي وأشباههما، مِمَّن لَا يعرفهُ إِلَّا خَواص أهل الْعلم بِهَذَا الشَّأْن.
فَلهَذَا الْمَعْنى عَقدنَا هَذَا الْبَاب، نذْكر فِيهِ جَمِيع من أخرج عَنهُ من المصنفين، ليخلص بِهِ من يقْرَأ كِتَابه من هجنة الْجَهْل بِمن يَعْزُو إِلَيْهِ الحَدِيث.
وَلم نقصد ذكر أخبارهم، لِأَن ذَلِك لَو قصدناه طَال، فَإِن مِنْهُم من كثرت أخباره بِحَسب عظم قدره، كمالك، وَالْبُخَارِيّ مثلا فَرَأَيْنَا الِاخْتِصَار بلاغاً فاقتصرنا على ذكر الِاسْم، والكنية، والبلد، وَالنِّسْبَة، و [الْوَفَاة، وَبَعض خَصَائِص] الْحَال، وَرُبمَا لَا يتَّفق لنا كل هَذَا فِي أحد مِنْهُم، وَرُبمَا يكون أشهرهم وأعظمهم قدرا، أقلهم حظاً من كلامنا فِيهِ، وتعريفنا بِهِ، لاستغنائه عَن ذَلِك، ولتعذر ذكر الْوَاجِب من أخباره، وَبِالْعَكْسِ أَن الَّذِي نطيل فِيهِ بعض الإطالة، هُوَ الَّذِي احْتَاجَ من ذَلِك إِلَى مَا لم يحْتَج إِلَيْهِ الآخر، وَلم نذكرهم على الْحُرُوف كَمَا الْعَادة فِي كتب الرِّجَال، لقلَّة عَددهمْ، وَلَا بِحَسب سبقهمْ إِلَى التصنيف، وَتقدم بَعضهم على بعض فِي ذَلِك، لِأَن ذَلِك رُبمَا لَا يتَحَصَّل كَمَا يَنْبَغِي، وَإِنَّمَا المتحصل مِنْهُ، أَن أول من صنف بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ فلَان، وبالبلد الفرني فلَان، وَهَذَا لَا معنى لذكرنا إيَّاهُم بِحَسبِهِ، فَرَأَيْنَا لهَذَا أَن نذكرهم بِحَسب أزمانهم، فَلَا تنكرن ابتداءنا بِمن غَيره أولى بالتقديم مِنْهُ.