فَفِي هَذَا الشَّك فِي اسْمه، هَل هُوَ الحكم، أَو أَبُو الحكم، وَلم يقل: " عَن أَبِيه " فَإِن صحت الرِّوَايَة الَّتِي قبل هَذِه بِزِيَادَة: " عَن أَبِيه "، فَقَوْل هَذَا: إِنَّه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكون خطأ، وَإِن لم يكن خطأ، فالانقطاع بَين مُجَاهِد وَبَينه، فَإِن مُجَاهدًا لم يروه عَن الصَّحَابِيّ، إِذْ قد قَدرنَا قَوْله: " عَن أَبِيه " صَحِيحا.
وفيهَا من الْبَحْث الأصولي إِن الرجل الَّذِي لَا يعرف إِذا قَالَ عَن نَفسه: إِنَّه ثِقَة فَذَلِك غير مَقْبُول مِنْهُ، وَهَذَا مَا لَا ريب فِيهِ، فَإِذا كَانَ لَا يعرف فَادّعى أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَفِيهِ خلاف، وَعِنْدِي أَنه لايقبل مِنْهُ ذالك، و ... ] ، لَو قَالَ التَّابِعِيّ [عَنهُ ذَلِك لِأَنَّهُ قد يكون التَّابِعِيّ] إِنَّمَا أَخذ ذَلِك عَن غَيره، وَهُوَ لم يسمه، أَو لَعَلَّه أَخذه عَنهُ، فَإِن التَّابِعِيّ لم يدْرك زمن الاصطحاب.
وَالَّذِي يقبل بِلَا ريب أَن يَقُول لنا ذَلِك عَنهُ صَحَابِيّ أدْرك، وَهَذَا كُله فِيمَن لَا يعرف، فَأَما من عرفت صحبته بالتواتر أَو بِالنَّقْلِ الصَّحِيح لأخباره، كمشاهير الصَّحَابَة - رَضِي الله عَنْهُم - فَلَا كَلَام فِيهِ. وَفِي هَذِه الرِّوَايَة أَنه إِنَّمَا رأى ذَلِك من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرّة وَاحِدَة.
وَهَذَا يشبه الصَّوَاب، فَأَما قَوْله: " كَانَ " فبعيد أَن يكون على ظَاهره، وَلَو أطلقهُ ألزم النَّاس للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَحين حكم من حكم لرِوَايَة من زَاد فِيهِ: " عَن أَبِيه " بِالصِّحَّةِ، لم يلْتَفت للفظ الحَدِيث، وَإِنَّمَا اعْتبر زِيَادَة وَاحِد فِي الْإِسْنَاد، وَلم يحكم للْخَبَر بِالصِّحَّةِ، إِلَّا كَمَا يَقُول: هَذَا الْإِسْنَاد بِزِيَادَة هَذَا الرجل بَين فلَان وَفُلَان، أصح من رِوَايَة من رَوَاهُ دونه، بل كَمَا يَقُول: هَذَا الْمُرْسل أصح، فَلَا يخرج من شَيْء من ذَلِك تَصْحِيح مَا رَوَاهُ ضَعِيف، أَو مَتْرُوك، أَو مَا رُوِيَ مُرْسلا.