وَقَالَ ابْن عبد الْملك: نهى أَن يعْتَمد الرجل على يَدَيْهِ إِذا نَهَضَ فِي الصَّلَاة. كَذَا ذكره، وَلم يبين من أَمر شيخ أبي دَاوُد هَذَا، الَّذِي هُوَ مُحَمَّد بن عبد الْملك الغزال شَيْئا، وَهُوَ رجل مَجْهُول الْحَال، لم أجد لَهُ ذكرا.
وَقد خَالفه الثَّلَاثَة المذكورون، وهم الثِّقَات الْحفاظ.
ورواياتهم الْمَذْكُورَة وَإِن اخْتلفت ألفاظها، تَجْتَمِع على معنى وَاحِد، وَهُوَ الْمُفَسّر فِي رِوَايَة ابْن حَنْبَل مِنْهُم، وَهُوَ النَّهْي عَن الِاعْتِمَاد على الْيَد فِي حَال الْجُلُوس.
فَأَما رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الْملك هَذَا، فمقتضاها النَّهْي عَن الِاسْتِعَانَة باليدين فِي حِين النهوض، وَذَلِكَ شَيْء لَا يحْتَمل من مثله، فَإِن حَاله لَا تعرف وَلَو لم يُخَالِفهُ غَيره.
فَإِن قيل: فَإِن أَبَا دَاوُد لَا يروي إِلَّا عَن ثِقَة؟
قيل: هَذَا لم نجده عَنهُ نصا، وَإِنَّمَا وَجَدْنَاهُ عَنهُ توقياً فِي الْأَخْذ. يُوهم ذَلِك، مثل مَا ذكر أَبُو أَحْمد عَنهُ من امْتِنَاعه عَن الرِّوَايَة عَن أبي الْأَشْعَث: أَحْمد بن الْمِقْدَام الْعجلِيّ شيخ البُخَارِيّ، لما احتال بحيلة، كَانَ فِيهَا قطع جُلُوس المجان الَّذين كَانُوا يعبثون بالمارة، بِأَن يصروا صرر الدَّرَاهِم، ويبثوها فِي الطَّرِيق فَإِذا تطأطا لَهَا أحد [صاحوا: ضعها، ليخجل الرجل، فَعلم أَبُو الْأَشْعَث الْمَارَّة بِالْبَصْرَةِ أَن يتخذوا صرر] الزّجاج فَإِذا