أَرْبعا، وَأما على جَنَازَة هَكَذَا فَلَا، إِلَّا حَدِيث سَلمَة بن كُلْثُوم هَذَا، انْتهى كَلَامه.
فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق - إِن أَبَا بكر: عبد الله بن أبي دَاوُد، أحد الْأَئِمَّة، مِمَّن جمع الْعلم والزهد وَالْفضل، كَانَ يحفظ وَيفهم.
قَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر بن ثَابت: رَحل بِهِ أَبوهُ من سجستان، فطوف بِهِ شرقاً وغرباً، وسَمعه من عُلَمَاء ذَلِك الْوَقْت، فَسمع بخراسان، وَالْجِبَال، وأصبهان، وَفَارِس، وَالْبَصْرَة، وبغداد، والكوفة، وَالْمَدينَة، وَالشَّام، ومصر، والجزيرة، والثغور، واستوطن بَغْدَاد، وصنف الْمسند، وَالسّنَن، والقراءات، والناسخ والمنسوخ، وَغير ذَلِك، وَكَانَ فهما عَالما، وَذكر مِمَّن روى عَنهُ من أَشْيَاخ أَبِيه أبي دَاوُد جمَاعَة، نَحْو خَمْسَة وَعشْرين، قَالَ: وَخلق كثير من أمثالهم، فَأَما من أَخذ عَنهُ فَمَا لَا يُحْصى، بعد أَن عد مِنْهُم جمَاعَة، وَأورد من أخباره كثيرا مِمَّا لَيْسَ مَقْصُودا الْآن، وَهُوَ فِي مَوْضِعه من تَارِيخه لمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ.
وَحكى عَن مُحَمَّد بن عبيد الله بن الْفَتْح أَنه لما مَاتَ صلى عَلَيْهِ زهاء ثَلَاث مائَة [ألف إِنْسَان وَأكْثر، وَصلى عَلَيْهِ فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع، وَأخرج صَلَاة الغ [د] اة وَدفن بعد صَلَاة الظّهْر، وَمَات وَهُوَ ابْن سبع وَثَمَانِينَ سنة، وَدفن بمقبرة الْبُسْتَان وَكَانَ مَوته يَوْم الْأَحَد، لثنتي عشرَة بقيت من ذِي الْحجَّة سنة سِتّ عشرَة وثلاثمائة، وَحكي عَن ابْنه عبد الْأَعْلَى بن عبد الله ابْن أبي دَاوُد أَنه قَالَ: صلي عَلَيْهِ ثَمَانِينَ مرّة، حَتَّى أنفذ المقتدر من خلص جنَازَته فدفنوه.