ونعني بالْحسنِ، مَا لَهُ من الحَدِيث منزلَة بَين منزلتي الصَّحِيح والضعيف، وَيكون الحَدِيث حسنا هَكَذَا، إِمَّا بِأَن يكون أحد رُوَاته مُخْتَلفا فِيهِ؛ وَثَّقَهُ قوم وَضَعفه آخَرُونَ، وَلَا يكون مَا ضعف بِهِ جرحا مُفَسرًا، فَإِنَّهُ إِن كَانَ مُفَسرًا، قدم على تَوْثِيق من وَثَّقَهُ، فَصَارَ بِهِ الحَدِيث ضَعِيفا.
وَإِمَّا بِأَن يكون أحد رُوَاته؛ إِمَّا مَسْتُورا وَإِمَّا مَجْهُول الْحَال.
ولنبين هذَيْن الْقسمَيْنِ، فَأَما المستور فَهُوَ من لم تثبت عَدَالَته لدينا مِمَّن روى عَنهُ اثْنَان فَأكْثر، فَإِن هَذَا يخْتَلف فِي قبُول رِوَايَته من لَا يرى رِوَايَة الرَّاوِي الْعدْل عَن الرَّاوِي تعديلا لَهُ.
فطائفة مِنْهُم يقبلُونَ رِوَايَته، وَهَؤُلَاء هم الَّذين لَا يَبْتَغُونَ على الْإِسْلَام مزيدا فِي حق الشَّاهِد والراوي، بل يقنعون بِمُجَرَّد الْإِسْلَام، مَعَ السَّلامَة عَن فسق ظَاهر، ويتحققون إِسْلَامه بِرِوَايَة عَدْلَيْنِ عَنهُ، إِذْ لم يعْهَد أحد مِمَّن يتدين يروي الدَّين إِلَّا عَن مُسلم.
وَطَائِفَة يردون رِوَايَته، وَهَؤُلَاء هم الَّذين يَبْتَغُونَ وَرَاء الْإِسْلَام مزيدا، وَهُوَ عَدَالَة الشَّاهِد أَو الرَّاوِي، وَهَذَا كُله بِنَاء على أَن رِوَايَة الرَّاوِي عَن الرَّاوِي لَيست تعديلا لَهُ، فَأَما من رَآهَا تعديلا لَهُ فَإِنَّهُ يكون بِقبُول رِوَايَته أَحْرَى وَأولى، مَا لم يثبت جرحه.
وَالْحق فِي هَذَا أَنه لَا تقبل رِوَايَته، وَلَو روى عَنهُ جمَاعَة، مَا لم تثبت عَدَالَته، وَمن يذكر فِي كتب الرِّجَال بِرِوَايَة أَكثر من وَاحِد عَنهُ، مهملا من الْجرْح وَالتَّعْدِيل، فَهُوَ غير مَعْرُوف الْحَال عِنْد ذاكره بذلك، وَرُبمَا وَقع التَّصْرِيح بذلك فِي بَعضهم.