اعْلَم أَن مؤاخذته فِي هَذَا الْبَاب إِنَّمَا هِيَ على مصطلحه الَّذِي أقرّ بِهِ فِي أول كِتَابه حَيْثُ يَقُول: إِن الحَدِيث إِذا لم تكن فِيهِ عِلّة، كَانَ سُكُوته عَنهُ دَلِيلا على صِحَّته، وَإنَّهُ إِنَّمَا يُعلل الحَدِيث إِذا كَانَ فِيهِ أَمر، أَو نهي، أويتعلق بِهِ حكم، وَأما مَا سوى ذَلِك فَرُبمَا كَانَ فِي بَعْضهَا سمح.
قَالَ: وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء عَن مُتَّفق على تَركه.
قَالَ: وَلَيْسَ فِيهَا من هَذَا النَّوْع إِلَّا قَلِيل.
فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا:
مِنْهَا مَا ذكرهَا بأسانيدها، أَو بِقطع من أسانيدها، وَهَذَا سنفرده بِالذكر فِي بَاب بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَمِنْهَا مَا ذكرهَا مُقْتَصرا من أسانيدها على الصَّحَابِيّ الَّذِي يروي الحَدِيث، فَهَذَا الْقسم هُوَ الَّذِي يعْتَمد فِي هَذَا الْبَاب بَيَان مَا سكت عَنهُ مِمَّا لَيْسَ صَحِيحا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَذَلِكَ أَن ماسكت عَنهُ من الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة هَكَذَا بِغَيْر أَسَانِيد وَلَا قطع مِنْهَا.
مِنْهَا مَا هُوَ صَحِيح لَا شكّ فِي صِحَّته، وَهُوَ الْأَكْثَر.
وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِصَحِيح؛ بل إِمَّا حسن، وَإِمَّا ضَعِيف، سكت عَن جَمِيعهَا سكُوتًا وَاحِدًا، وَهَكَذَا الْأَمر فِيمَا هُوَ مِنْهَا؛ مِمَّا لَا يحكم فِيهِ لفعل مُكَلّف، مِمَّا هُوَ من قبيل التَّرْغِيب، والإخبار عَن ثَوَاب الْأَعْمَال، ويزداد فِي هَذَا النَّوْع أَمر آخر، وَهُوَ أَنه قد يعْتَقد فِي أَحَادِيث أَنَّهَا لَا تعلق لَهَا