بيان المعاني (صفحة 1536)

[سورة الصافات (37) : الآيات 111 إلى 120]

من إمضاء عزيمته في تنفيذ أمر ربه، وقد بذل وسعه بفعل ما يفعل الذابح بالمذبوح فكأنه ذبحه بلا ريب وأن المانع الذي جعله الله لا يكون مدار القول بعدم إنفاذ ما جزم به، وصبر الولد على الألم الذي قاساه في إمرار السكين لا يقاس به صبر وتسليمهما لإمضاء هذا الأمر لا يقابله تسليم ولهذا فان الله العالم بانقيادهما لأمره انقيادا جازما حال دون ذلك، وأظهره ليطلع عليه الناس، لأنه عالم بما يقع منهما، ولذلك وهب لهما من فيض جوده كبشا وجعله فداء لصفيه إسماعيل وجزاء لخليله إبراهيم عليهما السلام فخاطبه بقوله «وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ 104» كف عن ذبح ابنك لقيامك بما أمرت به وأنك حقا «قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا» وعملت بالجزم فقبلنا فعلك وان ابنك سلّم وانقاد لأمرنا فقبلنا منه خضوعه دون جزع أو ضجر وقد أظهرنا للناس إنابتكما هذه ليعلموا أن أحدا لا يقدر على ما ابتليتما به «إِنَّا كَذلِكَ» مثل هذا العفو الذي عفونا به عن ذبحك ولدك ومثل هذا الفداء الذي فديناه به جزاء الصبر والامتثال منكما «نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ 105» أمثالك وأمثال ابنك، قال تعالى «إِنَّ هذا» الامتحان الذي اختبرنا به إبراهيم وابنه وقاما به بنية خالصة وصدق محض «لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ 106» الظاهر الذي تبين به حقيقة الإخلاص «وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ 107» في الجثة والقدر بنسبة المفدى «وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ 108» من بعده ثناء مستمرا إلى يوم القيامة وهو «سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ 109» من الله وملائكته ورسله وعباده كافة «كَذلِكَ» مثل هذا الجزاء الحسن الدائم «نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ 110» في الدنيا والآخرة

«إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ 111» الكاملي الإيمان «وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ 112» لعبادتنا وخلافتنا في الأرض لإرشاد خلقنا زيادة في جزائه الحسن.

مطلب من هو الذبيح وأنه لا يلزم من فضل الأب فضل الابن وبالعكس وأن الفرع السيء والأصل السيء لا يعد عيبا ومعنى خضراء الدمن وبقية القصة:

وهذه الآية مما تدل على أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام دلالة كافية، لأنه بعد أن قص الله تعالى علينا الابتلاء بالذبح وتنفيذ أمره فيه وفدائه له ذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015