. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ السُّكُونَ عَيْنُ تَرْكِ الْحَرَكَةِ ; فَطَلَبُ السُّكُونِ الَّذِي هُوَ الْأَمْرُ بِالسُّكُونِ هُوَ بِعَيْنِهِ طَلَبُ تَرْكِ الْحَرَكَةِ الَّذِي هُوَ النَّهْيُ عَنْ ضِدِّ السُّكُونِ.
أَجَابَ بِمَا تَقَدَّمَ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ النِّزَاعُ حِينَئِذٍ لَفْظِيًّا.
ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ احْتَجُّوا بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلِ - أَنَّ أَمْرَ الْإِيجَابِ هُوَ طَلَبُ فِعْلٍ يُلَامُ عَلَى تَرْكِهِ اتِّفَاقًا.
وَلَا يُذَمُّ إِلَّا عَلَى فِعْلٍ، لِأَنَّ الْعَدَمَ الْمُسْتَمِرَّ غَيْرُ مَقْدُورٍ، وَغَيْرُ الْمَقْدُورِ لَا يُذَمُّ عَلَيْهِ.
فَالْفِعْلُ الَّذِي يُذَمُّ عَلَيْهِ فِي أَمْرِ الْإِيجَابِ هُوَ الْكَفُّ أَوْ فِعْلُ ضِدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ ; فَيَكُونُ الْكَفُّ أَوْ فِعْلُ ضِدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ. فَيَكُونُ أَمْرُ الْإِيجَابِ مُسْتَلْزِمًا لِلنَّهْيِ عَنِ الْكَفِّ أَوْ فِعْلِ ضِدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ.
أَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الذَّمَّ عَلَى تَرْكِ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ مَعْقُولِ الْأَمْرِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ يَدُلُّ عَلَى الذَّمِّ عَقْلًا، لَا أَنَّهُ يَعْلَمُ الذَّمَّ عَلَى تَرْكِ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ.
وَهُوَ مَمْنُوعٌ ; إِذِ الْعِلْمُ بِالذَّمِّ عَلَى التَّرْكِ مُسْتَفَادٌ مِنْ دَلِيلٍ خَارِجِيٍّ. وَلِهَذَا جَوَّزَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ الْإِيجَابَ بِدُونِ الذَّمِّ. وَلَوْ كَانَ الذَّمُّ مِنْ مَعْقُولِ الْإِيجَابِ لَمَا تَمَكَّنَ مِنْ تَجْوِيزِهِ.
وَلَئِنْ سُلِّمَ أَنَّ الذَّمَّ عَلَى التَّرْكِ مِنْ مَعْقُولِ الْأَمْرِ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الذَّمَّ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْفِعْلِ ; فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الذَّمُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، لَا عَلَى فِعْلٍ.