. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ قِيلَ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الِاعْتِرَاضِ أَنَّهُ يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَهُوَ مُحَالٌ ; لِأَنَّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ مُتَقَابِلَانِ، وَالْمُتَقَابِلَانِ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْمُتَقَابِلَيْنِ يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، أَمَّا فِي زَمَانَيْنِ فَلَا. وَالْوَاوُ لَا تَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، بَلْ تَقْتَضِي اجْتِمَاعَهُمَا مُطْلَقًا.
أَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْخَبَرَ الصَّادِقَ [صَحَّ] دُخُولُ الْكَذِبِ عَلَيْهِ لُغَةً، أَيْ مِنْ حَيْثُ مَفْهُومُهُ لُغَةً، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ خُصُوصِيَّةِ الْمَادَّةِ. [وَكَذَا صَحَّ دُخُولُ الصِّدْقِ عَلَى الْخَبَرِ الْكَاذِبِ] .
وَخَبَرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالضَّرُورِيَّاتُ إِنَّمَا يَمْتَنِعُ دُخُولُ الْكَذِبِ عَلَيْهِ مِنْ خَارِجِ مَفْهُومِ الْخَبَرِ ; لِأَنَّ الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالضَّرُورِيَّاتِ، يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ كَاذِبَةً.
وَلَمَّا اعْتَبَرَ الْقَاضِي فِي تَعْرِيفِ الْخَبَرِ صِحَّةَ دُخُولِهِ لُغَةً، سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ.
وَقَدْ وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الصِّدْقَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْخَبَرِ وَالْكَذِبَ نَقِيضُهُ، أَعْنِي الْخَبَرَ الْغَيْرَ الْمُوَافِقِ لِلْخَبَرِ، فَيَتَوَقَّفُ تَعْرِيفُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ عَلَى الْخَبَرِ. فَتَعْرِيفُ الْخَبَرِ بِهِمَا دَوْرٌ. وَلَا جَوَابَ عَنْ لُزُومِ الدَّوْرِ.