. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQش - الْقَائِلُونَ بِإِبَاحَةِ الْفِعْلِ الَّذِي لَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ، قَالُوا: إِنَّ الْإِبَاحَةَ هُوَ الْمُتَحَقِّقُ ; لِأَنَّ رَفْعَ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ ثَابِتٌ، وَزِيَادَةُ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ، فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْإِبَاحَةِ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إِذَا لَمْ يَظْهَرُ قَصْدُ الْقُرْبَةِ. أَمَّا إِذَا ظَهَرَ قَصْدُ الْقُرْبَةِ، يَثْبُتُ النَّدْبُ ; لِأَنَّ ظُهُورَ قَصْدِ الْقُرْبَةِ دَلِيلُ رُجْحَانِ الْفِعْلِ ; لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَا يُقْصَدُ بِهِ قُرْبَةٌ.
ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي أَنَّ تَقْرِيرَ الرَّسُولِ، - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ مَا فُعِلَ فِي حَضْرَتِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ - هَلْ هُوَ حُجَّةٌ أَمْ لَا، إِذَا عَلِمَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِفِعْلٍ صَدَرَ عَنِ الْمُكَلَّفِ وَلَمْ يُنْكِرِ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَلِكَ الْفِعْلَ، وَكَانَ قَادِرًا عَلَى إِنْكَارِهِ.
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِمَّا بَيَّنَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَحْرِيمَهُ، وَلَمْ يُتَصَوَّرْ نُسَخُهُ، كَمُضِيِّ كَافِرٍ إِلَى كَنِيسَةٍ، فَلَا أَثَرَ لِسُكُوتِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اتِّفَاقًا. أَيْ عَدَمُ إِنْكَارِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَلِكَ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِلَّا، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْفِعْلُ كَمُضِيِّ كَافِرٍ إِلَى كَنِيسَةٍ، نُظِرَ.
فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ تَحْرِيمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ، دَلَّ عَدَمُ إِنْكَارِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ الْفِعْلِ. وَإِنْ سَبَقَ تَحْرِيمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ، يَكُونُ عَدَمُ إِنْكَارِهِ عَلَيْهِ نَسْخًا لِتَحْرِيمِ ذَلِكَ الْفِعْلِ.