. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمَّا فَرَغَ مِنْ إِثْبَاتِ الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، شَرَعَ فِي الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّ مَا لَا تُعْلَمُ صِفَتُهُ، إِنْ كَانَ عِبَادَةً فَنَدْبٌ، وَإِلَّا فَمُبَاحٌ. لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي لَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ [إِمَّا] أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ حَالَ إِتْيَانِهِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ، الْقُرْبَةَ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَنَدْبٌ ; لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ الْقُرْبَةَ بِهِ، دَلَّ عَلَى رُجْحَانِ فِعْلِهِ عَلَى التَّرْكِ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ رَاجِحًا، لَمْ تُقْصَدْ بِهِ قُرْبَةٌ، فَلَزِمَ الْوُقُوفُ عِنْدَ الرُّجْحَانِ، وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ.

وَخُصُوصِيَّةُ الْوُجُوبِ - وَهُوَ الذَّمُّ عَلَى التَّرْكِ - زِيَادَةٌ لَمْ تَثْبُتْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الذَّمِّ بِتَرْكِ الْفِعْلِ ; لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ الْأَصْلِيَّةَ ثَابِتَةٌ. وَإِذَا كَانَ رَاجِحًا، وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا ; لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَا يَكُونُ فِعْلُهُ رَاجِحًا.

وَإِنْ كَانَ الثَّانِي - وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْقُرْبَةَ - فَمُبَاحٌ، لِأَنَّ الْجَوَازَ ثَابِتٌ ; إِذِ الْأَصْلُ عَدَمُ [الذَّنْبِ] فِي فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ; لِأَنَّ وُقُوعَ [الذَّنْبِ] فِي فِعْلِهِ نَادِرٌ، مَغْلُوبٌ، وَالنَّادِرُ الْمَغْلُوبُ خِلَافُ الْأَصْلِ.

وَخُصُوصِيَّةُ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ لَمْ تَثْبُتْ ; إِذْ لَا وُجُوبَ وَلَا نَدْبَ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ دَلِيلٌ. وَإِذَا ثَبَتَ الْجَوَازُ وَانْتَفَى الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ، تَعَيَّنَ الْإِبَاحَةُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015