. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَمْرُ رَاجِعٌ إِلَى الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، فَيَجُوزُ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهَةِ بِهَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ الْمُتَغَايِرَتَيْنِ. بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الْجِهَةَ الَّتِي تَعَلَّقَ النَّهْيُ بِهَا - وَهِيَ كَوْنُهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ - لَا تَنْفَكُّ عَنِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ثُبُوتِ اجْتِمَاعِ الْكَرَاهَةِ وَالْوُجُوبِ ثُبُوتُ اجْتِمَاعِ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ.
قِيلَ: إِنَّ جِهَةَ الْوُجُوبِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، هِيَ الصَّلَاةُ الْمُطْلَقَةُ، وَكَوْنُهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُنْفَكَّةٍ عَنِ الصَّلَاةِ الْمُشَخَّصَةِ لَكِنْ جَائِزَةُ الِانْفِكَاكِ عَنِ الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ. وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ جَوَازِ اجْتِمَاعِ الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْرُوهَةِ وَبَيْنَ جَوَازِ اجْتِمَاعِ الْحُرْمَةِ وَالْوُجُوبِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْرُوهَةِ، وَصْفٌ مُنْفَكٌّ عَنِ الصَّلَاةِ الْمُشَخِّصَةِ، بِخِلَافِ الْوَصْفِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُنْفَكٍّ عَنِ الصَّلَاةِ الْمُشَخِّصَةِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْفَرْقَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ غَيْرُ مُفِيدٍ ; لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ هُوَ الصَّلَاةُ الْمُطْلَقَةُ، لَا الْمُشَخِّصَةُ.
ش - هَذَا اسْتِدْلَالٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ. وَتَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، لَمَا سَقَطَ التَّكْلِيفُ بِهَا عَنِ الْمُكَلَّفِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً لَمْ يُمْكِنِ الْإِتْيَانُ بِهَا، [إِتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ،] وَالتَّكْلِيفُ كَيْفَ يَسْقُطُ بِعَدَمِ إِتْيَانِ الْمَأْمُورِ بِهِ.
وَأَمَّا بُطْلَانُ التَّالِي فَلِمَا قَالَ الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ التَّكْلِيفُ بِالْإِجْمَاعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى تَحَقُّقِ الْإِجْمَاعِ أَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَأْمُرُوهُمْ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمَأْتِيِّ بِهَا فِي الْأَرَاضِي الْمَغْصُوبَةِ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِمَنْعِ الْإِجْمَاعِ ; فَإِنَّ أَحْمَدَ قَدْ خَالَفَ الْفُقَهَاءَ فِي سُقُوطِ التَّكْلِيفِ بِالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَهُوَ أَقْعَدُ بِمَعْرِفَةِ الْإِجْمَاعِ مِنْ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ بَالَغَ فِي تَفْتِيشِ النَّقْلِيَّاتِ، وَمَعَ مُخَالَفَتِهِ كَيْفَ يَصِحُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ.
ش - قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْمُتَكَلِّمُونَ: لَوْ صَحَّتِ الصَّلَاةُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ لَاتَّحَدَ الْمُتَعَلِّقَانِ، أَيْ مُتَعَلِّقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ، وَإِلَّا يَلْزَمُ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ، فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُقَدَّمِ.
بَيَانُ الْمُلَازِمَةِ أَنَّ الْكَوْنَ الْمَخْصُوصَ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ هُوَ بِعَيْنِهِ الْكَوْنُ الَّذِي هُوَ الْغَصْبُ. وَالْكَوْنُ الَّذِي هُوَ الْغَصْبُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالِاتِّفَاقِ. فَلَوْ كَانَتِ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً لَكَانَتْ مَأْمُورًا بِهَا ; لِأَنَّ الصِّحَّةَ هِيَ: مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْكَوْنُ مَأْمُورًا بِهِ، فَيَكُونُ مُتَعَلِّقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيُ وَاحِدًا.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ بِأَنْ قَالَ: لَا نُسَلِّمُ لَوْ صَحَّتْ لَاتَّحَدَ الْمُتَعَلِّقَانِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَوْنَ الْمَخْصُوصَ لَهُ جِهَتَانِ: إِحْدَاهُمَا جِهَةُ الصَّلَاةِ، وَالْأُخْرَى جِهَةُ الْغَصْبِ. وَلَا شَكَّ فِي تَغَايُرِ الْجِهَتَيْنِ وَجَوَازِ انْفِكَاكِ إِحْدَاهُمَا عَنِ الْآخَرِ، فَبِاعْتِبَارِ الْجِهَةِ الْأُولَى مُتَعَلِّقُ الْأَمْرِ، وَبِاعْتِبَارِ الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ مُتَعَلِّقُ النَّهْيِ.
قِيلَ: لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ لَمْ تَنْفَكَّ فِيَ الْخَارِجِ عَنِ الْجِهَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَمَلْزُومُ الْمَنْهِيِّ مَنْهِيٌّ. فَهَذِهِ الصَّلَاةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ مَنْهِيَّةٌ، فَلَا تَكُونُ صَحِيحَةً.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تَنْفَكَّ فِي الْخَارِجِ عَنْ