. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQش - لَمَّا فَرَغَ عَنْ تَقْرِيرِ الْأَقْوَالِ، شَرَعَ فِي إِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى مُدَّعَاهُ، وَبَيَّنَهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِجَوَازِ ذَلِكَ عَقْلًا. كَمَا إِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: خِطْ هَذَا الثَّوْبَ وَلَا تَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ. فَإِنَّهُ إِذَا خَاطَ الثَّوْبَ فِي الدَّارِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، نَقْطَعُ بِطَاعَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ خَاطَ، وَبِمَعْصِيَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ خَاطَ فِي الدَّارِ. فَيَكُونُ فِعْلُ الْخِيَاطَةِ مَأْمُورًا بِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ مِنْ جِهَتَيْنِ.

فَكَذَلِكَ يَجُوزُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ ; فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَأْمُورٌ بِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ، مَنْهِيٌّ عَنْهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ.

الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ مَأْمُورًا بِهَا مَنْهِيًّا عَنْهَا، كَانَ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِاتِّحَادِ مُتَعَلِّقِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ; إِذْ لَا مَانِعَ سِوَاهُ بِالْإِجْمَاعِ.

وَالتَّالِي بَاطِلٌ; إِذْ لَا اتِّحَادَ بَيْنَ مُتَعَلِّقِيهِمَا ; لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْأَمْرِ هُوَ الصَّلَاةُ، وَمُتَعَلِّقَ النَّهْيِ كَوْنُهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ. وَأَحَدُهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ. وَاخْتِيَارُ الْمُكَلَّفِ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ كَوْنِهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ حَقِيقَتِهِمَا، حَتَّى يَتَّحِدَّ الْجِهَتَانِ.

وَقَدْ قِيلَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّلَاةَ مَأْمُورٌ بِهَا، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَوْنِهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، صَارَتْ هَيْئَةُ الصَّلَاةِ مَنْهِيًّا عَنْهَا، وَلَا يُمْكِنُ حُصُولُهَا بِدُونِهَا، فَتَكُونُ الصَّلَاةُ مَنْهِيًّا عَنْهَا، فَلَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهَا.

وَأَيْضًا: الْخِيَاطَةُ، إِنْ أُمِرَ بِهَا كَيْفَ كَانَتْ فَلَا يَكُونُ شَغْلُ الْحَيِّزِ مَمْنُوعًا عَنْهُ، فَلَا يَكُونُ نَظِيرًا لِمُتَنَازَعٍ فِيهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015