. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ [فَبِأَنْ] يُقَالَ: الْإِمْكَانُ ثُبُوتِيٌّ ; لِأَنَّ نَقِيضَهُ لَا إِمْكَانَ، وَهُوَ سَلْبٌ، وَإِلَّا اسْتَلْزَمَ حُصُولُهُ مَحَلًّا مَوْجُودًا، فَيَمْتَنِعُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْدُومِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا الثَّانِي [فَبِأَنْ] يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ الْإِمْكَانَ ثُبُوتِيًّا ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَدَمِيًّا لَمْ يَكُنْ وَصْفًا ذَاتِيًّا لِلْمُمْكِنِ.
فَلَوْ كَانَ صَحِيحًا بِجَمِيعِ مُقَدِّمَاتِهِ يَلْزَمُ كَوْنُ الْإِمْكَانِ ثُبُوتِيًّا، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
وَأَمَّا التَّفْصِيلِيُّ [فَبِأَنْ] يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُسْنَ ثُبُوتِيٌّ. قَوْلُهُ: لِأَنَّ نَقِيضَهُ - وَهُوَ لَا حَسَنٌ - سَلْبٌ.
قُلْنَا: هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِمُجَرَّدِ صُورَةِ السَّلْبِ - وَهُوَ قَوْلُنَا: " لَا حَسَنٌ " - عَلَى وُجُودِ نَقِيضِهِ، وَهُوَ قَوْلُنَا: حَسَنٌ.
فَمَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ الْحَسَنِ مَوْجُودًا، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ نَفْيُهُ - وَهُوَ لَا حَسَنٌ - مَعْدُومًا.
فَلَوْ أَثْبَتْنَا وُجُودَ الْحُسْنِ، يَكُونُ سَلْبُهُ عَدَمِيًّا، يَلْزَمُ الدَّوْرُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: مَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ الْحُسْنِ مَوْجُودًا، لَمْ يَلْزَمْ كَوْنُ الْحُسْنِ عَدَمِيًّا ; لِأَنَّ صُورَةَ النَّفْيِ قَدْ تَكُونُ ثُبُوتِيَّةً، كَقَوْلِنَا: لَا مَعْدُومٌ، فَإِنَّ الْمَعْدُومَ الَّذِي هُوَ صُورَةُ النَّفْيِ، لَا يَكُونُ إِلَّا مَوْجُودًا.