. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا بَيَانُ انْتِفَاءِ التَّالِي فَلِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَسْمَاءَ مُعَلَّمَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَإِذَا ثَبَتَ التَّعْلِيمُ فِي الْأَسْمَاءِ، ثَبَتَ فِي الْأَفْعَالِ وَالْحُرُوفِ ; إِذْ لَا قَائِلَ بِالْفَصْلِ.

وَلِأَنَّ التَّكَلُّمَ بِالْأَسْمَاءِ وَحْدَهَا مُتَعَذَّرٌ، فَلَا بُدَّ مَعَ تَعْلِيمِ الْأَسْمَاءِ تَعْلِيمُ الْأَفْعَالِ وَالْحُرُوفِ.

وَأَيْضًا الْأَفْعَالُ وَالْحُرُوفُ أَسْمَاءٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا تَرْفَعُ الْمُسَمَّى إِلَى الْأَذْهَانِ، أَوْ تُتِمُّهُ. وَالتَّخْصِيصُ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ النُّحَاةِ.

وَقَدِ اعْتَرَضُوا عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ بِأَنَّهُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] ، أَنَّهُ تَعَالَى أَلْهَمَهُ الِاحْتِيَاجَ إِلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَأَعْطَاهُ مِنَ الْعُلُومِ مَا لِأَجْلِهِ قُدِرَ عَلَى الْوَضْعِ. فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ التَّعْلِيمِ فِعْلًا يَصْلُحُ لِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُصُولُ الْعِلْمِ، لَا إِيجَادُ الْعِلْمِ. فَلِذَلِكَ يُقَالُ: عَلَّمْتُهُ فَلَمْ يَتَعَلَّمْ. وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيمُ إِيجَادَ الْعِلْمِ، لَمَا صَحَّ ذَلِكَ الْكَلَامُ.

وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِلْهَامَ، وَلَكِنْ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اصْطِلَاحَاتُ قَوْمٍ خَلَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ، فَعَلَّمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تِلْكَ الِاصْطِلَاحَاتِ السَّابِقَةَ.

أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّعْلِيمِ إِيجَادُ الْعِلْمِ، لَا الْإِلْهَامُ. وَكَذَا الْأَصْلُ عَدَمُ اصْطِلَاحٍ سَابِقٍ. وَإِذَا كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015