. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّقْصَانَ نَسْخٌ لِلْوُجُوبِ، فَوُجُوبُهَا بَعْدَ النُّقْصَانِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ.
الْقَائِلُونَ بِأَنَّ نُقْصَانَ الْجُزْءِ أَوِ الشَّرْطِ نَسْخٌ لِلْعِبَادَةِ قَالُوا: قَبْلَ نُقْصَانِ الْجُزْءِ أَوِ الشَّرْطِ ثَبَتَ تَحْرِيمُ الْعِبَادَةِ بِغَيْرِ الشَّرْطِ وَبِغَيْرِ الْجُزْءِ، وَهَذَا التَّحْرِيمُ لَمْ يَكُنْ بِالْأَصْلِ بَلْ بِالشَّرْعِ، فَإِذَا نَقَصَ الْجُزْءُ أَوِ الشَّرْطُ ثَبَتَ جَوَازُ الْعِبَادَةِ أَوْ وُجُوبُهَا بِغَيْرِ الْجُزْءِ وَالشَّرْطِ، فَارْتَفَعَ التَّحْرِيمُ الْمَذْكُورُ.
فَيَكُونُ نُقْصَانُ الْجُزْءِ أَوِ الشَّرْطِ نَسْخًا؛ لِكَوْنِهِ رَافِعًا لِلتَّحْرِيمِ الْمَذْكُورِ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي نَسْخِ التَّحْرِيمِ الْمَذْكُورِ، بَلِ النِّزَاعُ فِي نَسْخِ وُجُوبِ الْعِبَادَةِ بَعْدَ نُقْصَانِ الْجُزْءِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ وُجُوبُ الْعِبَادَةِ بَعْدَ نُقْصَانِ الْجُزْءِ أَوِ الشَّرْطِ، لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِ وُجُوبِ الْعِبَادَةِ إِلَى دَلِيلٍ ثَانٍ.
وَإِذَا لَمْ يَتَجَدَّدْ وُجُوبٌ لَمْ يَتَحَقَّقْ نَسْخُ الْوُجُوبِ الْأَوَّلِ.
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ نَسْخُ وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْرِيمِ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْقَبَائِحِ الْعَقْلِيَّةِ أَمْ لَا؟ .
فَقَالَ الْأَصْحَابُ: نَعَمْ.
وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: لَا.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعُ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ.
فَمَنْ قَالَ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيَّيْنِ مَنَعَ جَوَازَ نَسْخِ هَذِهِ الْأُمُورِ ; لِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِلْحُسْنِ وَالْقُبْحِ حِينَئِذٍ صِفَاتٌ وَأَحْكَامٌ لَا تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الشَّرَائِعِ، فَامْتَنَعَ النَّسْخُ لِاسْتِحَالَةِ الْأَمْرِ بِالْقَبِيحِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْحَسَنِ.
وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيَّيْنِ جَوَّزَ نَسْخَ هَذِهِ الْأُمُورِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] وَ {يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1] .