. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ قَوْلُهُمْ: الْحُكْمُ قَدِيمٌ، وَالْقَدِيمُ لَا يُرْفَعُ، فَلَا يَنْعَكِسُ التَّعْرِيفُ؛ لِصِدْقِ الْمَحْدُودِ بِدُونِ الْحَدِّ ; لِأَنَّا لَمْ نَعْنِ بِالْحُكْمِ الْحُكْمَ الْقَدِيمَ الَّذِي لَا يَرْتَفِعُ؛ بَلْ نَعْنِ بِهِ الْحُكْمَ الْحَادِثَ الَّذِي يُمْكِنُ رَفْعُهُ، لِأَنَّا نَقْطَعُ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ شَيْءٍ بَعْدَ وُجُوبِهِ انْتَفَى وُجُوبُهُ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْتَفِي التَّعَلُّقُ الْخَارِجِيُّ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِالرَّفْعِ.
وَهَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ ; لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ الْبَيَانُ بِالتَّخْصِيصِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ رُفِعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.
ش - عَرَّفَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ النَّسْخَ بِأَنَّهُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى ظُهُورِ انْتِفَاءِ شَرْطِ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ.
وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ اللَّفْظَ دَلِيلُ النَّسْخِ، لَا نَفْسُهُ.
وَبِأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ الْحَدَّ، فَإِنَّ لَفْظَ الْعَدْلِ نَسَخَ حُكْمَ كَذَا، يَصْدُقُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدُّ ; لِأَنَّهُ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى ظُهُورِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ لَفْظَ عَدْلٍ وَظُهُورِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ. وَلَفْظُ الْعَدْلِ لَيْسَ بِنَسْخٍ بِالِاتِّفَاقِ.
وَبِأَنَّهُ لَا يَنْعَكِسُ ; لِأَنَّ النَّسْخَ قَدْ يَكُونُ بِفِعْلِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَيُوجَدُ الْحَدُّ بِدُونِ الْمَحْدُودِ.
وَبِأَنَّ حَاصِلَ الْحَدِّ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ النَّسْخَ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى النَّسْخِ، فَيَكُونُ تَعْرِيفَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ. وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ حَاصِلَهُ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا، لِأَنَّ الْإِمَامَ فَسَّرَ شَرْطَ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ بِانْتِفَاءِ النَّسْخِ، فَانْتِفَاءُ شَرْطِ الدَّوَامِ انْتِفَاءُ انْتِفَاءِ النَّسْخِ، وَانْتِفَاءُ انْتِفَاءِ النَّسْخِ حُصُولُ النَّسْخِ، فَيَكُونُ مَعْنَى ظُهُورِ انْتِفَاءِ شَرْطِ دَوَامِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ: ظُهُورَ النَّسْخِ، وَيَلْزَمُ مَا ذَكَرْنَا.