برأيك ويعملون بأمرك إن أحللت أحلوا وإن حرمت حرموا، وليس ذلك عندك ولكنه إكبابهم عليك ورغبتهم فيما في يديك ذهاب عملهم وغلبة الجهل عليك وعليهم وطلب حب الرياسة وطلب الدنيا منك ومنهم، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغِرَّه، وما الناس فيه من البلاء والفتنة، ابتليتهم بالشغل عن مكاسبهم وفتنتهم بما رأوا من أثر العلم عليك وتاقت أنفسهم أن يدركوا بالعلم ما أدركت، وبلغوا منه مثل الذي بلغت، فوقعوا بك في بحر لا يدرك قعره، وفي بلاء لا يقدر قدره، فالله لنا ولك ولهم المستعان.
فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا في كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك فمن يلوم الحدِث في سِنّه والجاهل في علمه المأفون في رأيه المدخول في عقله.
إنا لله وإنا إليه راجعون، على من المعول وعند من المستعتب نحتسب عند الله مصيبتنا ونشكو إليه بثنا وما نرى منك ونحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. (?)
أرسل بعض الأمراء إلى أبي حازم فأتاه وعنده الإفريقي والزهري وغيرهما فقال له: تكلم يا أبا حازم، فقال أبو حازم: إن خير الأمراء من أحب العلماء، وإن شرّ العلماء من أحب الأمراء، وإنه كان فيما