نَكِداً} 1، وهذه الآية توضح لنا أن التربية لا تتم إلا في إطار اجتماعي وداخل مجتمع مسلم نظيف لأن الطفل لا يمكن تربيته بعيدا عن المؤسسات الاجتماعية مثل البيت والمسجد والمدرسة ووسائل الإعلام وغيرها لما لهذه المؤسسات من أثر تربوي فعال ولما للعادات والتقاليد والأخلاقيات الاجتماعية من تأثير على الطفل والسلوك الإنساني عبارة عن التفاعل بين الظروف الاجتماعية البيئية والطبيعة الإنسانية.

إن المجتمع المسلم يتميز عن المجتمعات الأخرى كما يتميز الفرد عن الأفراد غير المسلمين في عقيدته التي ينشأ منها سلوكه والمصدر الذي يلتقى منه سلوكه والأخلاق التي يتميز بها عن غيره والطرق التي يسلكها في حياته وفي تحقيق أهدافه والعبادة التي يمارسها والمؤسسات التي ينشأ فيها والقيم التي يوزن بها البشر.

وإن المجتمع المسلم قائم على نبذ العنصرية والوطنية الإقليمية وعلى الحرية المبنية على العبودية الكاملة لله وحده والتي تحقق له المحافظة على ماله وعرضه ونفسه وتطلب منه الالتزام بالحق والعدل، كما أنه مجتمع الأخوة والمساواة والكفاية والعدل بين المسلمين الذين يتساوون في الواجبات والحقوق: "المسلمون عدول يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم…" فالمجتمع عامل تربوي فعال يحتاج إلى تضافر المؤسسات في تحقيقه لمسؤلياته التربوية التي يمكن الإشارة إلى بعضها فيما يلي:

1- التعاون على البر والتقوى:

والله سبحانه وتعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 2، لأن التعاون على البر والتقوى هما وسيلتا المجتمع لنشر الفضية والخير ومحاربة الرذيلة والشر فوسائل التربية الحديثة من صحافة وإذاعة وتلفزيون وغيرها من وسائل الإعلام كل منها معلم يملك أذواق البشر وأسماعهم وأبصارهم فإذا وجهت وجهتها الصحيحة كانت وسائل خير ورحمة وتعليم وتثقيف وإذا تركت على ما هي عليه من نشر السموم والأغاني المائعة والتمثيليات الهابطة والكذب الدائم والسخافات والأباطيل كانت وسائل دمار وهدم لجهود مؤسسات التربية الأخرى كالبيت والمدرسة والمسجد، فواجب الدول أن تطهر مؤسساتها من كل ما يعوق تربية أجيالها على الحق والفضيلة والبر والتقوى وأن تحارب هذه الأجهزة وتجعلها تتكيف مع طبيعة المجتمع وعقائده ونظمه، ولا يتم التعاون على محاربة الإثم والعدوان إلا بإغلاق مظاهر الفساد الاجتماعي وتوجيه الثقافة التي يتأثر بها الأطفال والكبار إلى الثقافة التي يبني المجتمع عليها وحماية الشباب من المؤثرات الثقافية الدافعة للفساد، والإسلام يوجه توجيهات كثيرة في هذه الناحية فالله سبحانه يقول: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ} 3.

والرسول صلى الله عليه وسلم يحذر الرجل يرتكب عملا بالليل وينشره بالنهار وقد ستره الله لأن عمل الشر إثم ونشره عن طريق إذاعته إثم آخر لا يفعل ذلك إلا الماجن الذي لا يستحي وإذاعة الفاحشة مضر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015