ومراعاة الفروق الفردية إذ إن الطفل يفهم ما بإمكانه أن يفهمه والاختلافات الفردية قد ترجع إلى طبيعة التربية أو البيئة أو السن أو مستوى الذكاء ولذلك طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من سيدنا عبد الله بن عباس أن لا يحدث الناس بما لا تحتمله عقولهم والشريعة الإسلامية تراعي الاستعداد الشخصي حتى في العبادات فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم فانتهوا" ويقول الغزالي في ذلك: "وكما أن الطبيب لو عالج جميع المرضى بعلاج واحد قتل أكثرهم، كذلك المربي لو أشار على المريدين بنمط واحد من الرياضة أهلكهم وأمات قلوبهم وإنما ينبغي أن ينظر في مرض المريض وفي حاله وسنه ومزاجه وما تحتمله نفسه من الرياضة ويبني على ذلك رياضته"1.
والقرآن الكريم يقول مبينا هذه الفوارق في الاستعدادات: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} 2، ويقول عليه أفضل الصلاة والتسليم: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" 3، وفي أحاديث كثيرة يطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من المسلم ألا يذل نفسه بتعريضها لما لا تطيق من البلايا كما يطالب بالقصد في كل شيء.
2- مراعاة الطبيعة النفسية للبشر:
وهذا يتطلب من المدرسة أن تكون بعيدة عن العنف والقسوة ومكانا للرحمة والرفق والتوجيه بالوسائل الحسنة فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة: "عليك بالرفق فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" 4، والإسلام يهدف إلى إيجاد المسلم اللطيف الرقيق الرفيق الذي يكره العنف والقسوة والفظاظة والغلظة إذ أن العنف لا يلد إلا العنف ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" 5.
3- الاستفادة من الخبرات الإنسانية:
من المهام الأساسية للمدرسة نقل خبرات الأجيال السابقة لما بعدها وهذه الخبرات تراث إنساني يستفيد به المسلمون بالنافع منه والمتفق مع عقيدتهم ويتركون ما لا يتفق معهم بعد التعرف على جوانب السوء فيه، والإسلام دين متطور يدعو إلى التحرر من ربقة التقاليد والأفكار البالية لأن الحرص على