كلاهما خيانة الآخر، وإخفاء ما يتمكن منه، خرج الله من بينهما. وذهبت البركة. ولم تتيسر الأسباب. والتجربة والمشاهدة تشهد لهذا الحديث. والله أعلم.
الحديث الرابع والأربعون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
دار الدنيا جعلها الله دار عمل، يتزود منها العباد من الخير، أو الشر، للدار الأخرى، وهي دار الجزاء. وسيندم المفرطون إذا انتقلوا من هذه الدار، ولم يتزودوا لآخرتهم ما يسعدهم، وحينئذ لا يمكن الاستدراك. ولا يتمكن العبد أن يزيد حسناته مثقال ذرة، ولا يمحو من سيئاته كذلك. وانقطع عمل العبد عنه إلا هذه الأعمال الثلاثة التي هي من آثار عمله.
الأول: الصدقة الجارية، أي: المستمر نفعها. وذلك كالوقف للعقارات التي ينتفع بمغلها، أو الأواني التي ينتفع باستعمالها، أو الحيوانات التي ينتفع بركوبها ومنافعها، أو الكتب والمصاحف التي ينتفع باستعمالها والانتفاع بها، أو المساجد والمدارس والبيوت وغيرها التي ينتفع بها.
فكلها أجرها جار على العبد ما دام ينتفع بشيء منها. وهذا من أعظم فضائل الوقف. وخصوصا الأوقاف التي فيها الإعانة على الأمور الدينية، كالعلم والجهاد، والتفرغ للعبادة، ونحو ذلك.
ولهذا اشترط العلماء في الوقف: أن يكون مصرفه على وجهة بر وقربة.