فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امرؤ صائم» متفق عليه.
ما أعظم هذا الحديث، فإنه ذكر الأعمال عموما، ثم الصيام (وفضله وآدابه) خصوصا، وذكر فضله وخواصه، وثوابه العاجل والآجل، وبيان حكمته، والمقصود منه، وما ينبغي فيه من الآداب الفاضلة، كلها احتوى عليها هذا الحديث، فبين هذا الأصل الجامع.
وأن جميع الأعمال الصالحة - من أقوال وأفعال، ظاهرة أو باطنة، سواء تعلقت بحق الله، أو بحقوق العباد - مضاعفة من عشر إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.
وهذا من أعظم ما يدل على سعة فضل الله، وإحسانه على عباده المؤمنين، إذ جعل جناياتهم ومخالفاتهم الواحدة بجزاء واحد، ومغفرة الله تعالى فوق ذلك.
وأما الحسنة، فأقل التضعيف أن الواحدة بعشر، وقد تزيد على ذلك بأسباب، منها: قوة إيمان العامل، وكمال إخلاصه، فكلما قوي الإيمان والإخلاص تضاعف ثواب العمل.
ومنها: أن يكون للعمل موقع كبير، كالنفقة في الجهاد والعلم، والمشاريع الدينية العامة، وكالعمل الذي قوي بحسنه وقوته ودفعه المعارضات كما ذكره صلى الله عليه وسلم في قصة أصحاب الغار، وقصة البغيّ التي سقت الكلب، فشكر الله لها وغفر لها، ومثل العمل الذي يثمر أعمالا أخر: ويقتدي به غيره، أو يشاركه فيه مشارك، وكدفع الضرورات العظيمة، وحصول المبرات الكبيرة، وكالمضاعفة لفضل الزمان أو المكان، أو العامل عند الله.