وأما حديث عائشة: فإن قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» - أو «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رد» فيدل بالمنطوق وبالمفهوم.
أما منطوقه: فإنه يدل على أن كل بدعة أحدثت في الدين ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة، سواء كانت من البدع القولية الكلامية، كالتجهم والرفض والاعتزال وغيرها، أو من البدع العملية كالتعبد لله بعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله، فإن ذلك كله مردود على أصحابه، وأهله مذمومون بحسب بدعهم وبعدها عن الدين. فمن أخبر بغير ما أخبر الله به ورسوله، أو تعبد بشيء لم يأذن الله به ورسوله ولم يشرعه فهو مبتدع، ومن حرم المباحات، أو تعبد بغير الشرعيات فهو مبتدع.
وأما مفهوم هذا الحديث: فإن من عمل عملا، عليه أمر الله ورسوله - وهو التعبد لله بالعقائد الصحيحة، والأعمال الصالحة: من واجب ومستحب: فعمله مقبول، وسعيه مشكور.
ويستدل بهذا الحديث على أن كل عبادة فعلت على وجه منهي عنه فإنها فاسدة ; لأنه ليس عليها أمر الشارع، وأن النهي يقتضي الفساد. وكل معاملة نهى الشارع عنها فإنها لاغية لا يعتد بها.
الحديث الثالث عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم.