ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «وجعل رزقي تحت ظل رمحي» أما من قبلنا من الأمم، فإن جهادهم قليل بالنسبة لهذه الأمة، وهم دون هذه الأمة بقوة الإيمان والإخلاص، فمن رحمته بهم أنه منعهم من الغنائم ; لئلا يخل بإخلاصهم، والله أعلم.
الرابعة: قوله: «وأعطيت الشفاعة» وهي الشفاعة العظمى التي يعتذر عنها كبار الرسل، وينتدب لها خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفعه الله في الخلق، ويحصل له المقام المحمود الذي يحمده فيه الأولون والآخرون، وأهل السماوات والأرض، وتنال أمته من هذه الشفاعة الحظ الأوفر، والنصيب الأكمل، ويشفع لهم شفاعة خاصة، فيشفعه الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة قد تعجلها، وقد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي فهي نائلة - إن شاء الله - من مات لا يشرك بالله شيئا» ، وقال: «أسعد الناس بشفاعتي: من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه» .
الخامسة: قوله: «وكان النبي» أي: جنس الأنبياء «يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عامة» وذلك لكمال شريعته وعمومها وسعتها، واشتمالها على الصلاح المطلق، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، ولا يتم الصلاح إلا بها، وقد أسست للبشر أصولا عظيمة، متى اعتبروها صلحت لهم دنياهم كما صلح لهم دينهم.
الحديث السابع والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» مُتَّفَقٌ عليه.