الدنيا لهذه المقاصد الجليلة، وسلك أنفع طريق يراه مناسبا لحاله كانت حركاته وسعيه قربة يتقرب إلى الله بها.
ومن تمام ذلك: أن لا يتكل العبد على حوله وقوته وذكائه ومعرفته، وحذقه بمعرفة الأسباب وإدارتها، بل يستعين بربه متوكلا عليه، راجيا منه أن ييسره لأيسر الأمور وأنجحها، وأقربها تحصيلا لمراده، ويسأل ربه أن يبارك له في رزقه: فأول بركة الرزق: أن يكون مؤسسا على التقوى والنية الصالحة. ومن بركة الرزق: أن يوفق العبد لوضعه في مواضعه الواجبة والمستحبة. ومن بركة الرزق: أن لا ينسى العبد الفضل في المعاملة، كما قال تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] بالتيسير على الموسرين، وإنظار المعسرين، والمحاباة عند البيع والشراء، بما تيسر من قليل أو كثير، فبذلك ينال العبد خيرا كثيرا.
فإن قيل: أي المكاسب أولى وأفضل؟
قيل: قد اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من فضل الزراعة والحراثة، ومنهم من فضل البيع والشراء، ومنهم من فضل القيام بالصناعات والحرف ونحوها. وكل منهم أدلى بحجته، ولكن هذا الحديث هو الفاصل للنزاع، وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله» والنافع من ذلك معلوم أنه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فمنهم من تكون الحراثة والزراعة أفضل في حقه، ومنهم من يكون البيع والشراء والقيام بالصناعة التي يحسنها أفضل في حقه، فالأفضل من ذلك وغيره الأنفع.
فصلوات الله وسلامه على من أعطي جوامع الكلم ونوافعها.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم حض على الرضى بقضاء الله وقدره، بعد بذل الجهد، واستفراغ