وكذلك فيه: وجوب نفقة الزوجة، وأن مقدار ذلك الكفاية، لقوله صلى الله عليه وسلم: «خُذِي مِنْ مَالِهِ بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك» وأن الكفاية معتبرة بالعرف، بحسب أحوال الناس: في زمانهم ومكانهم، ويسرهم وعسرهم، وأن المنفق إذا امتنع أو شح عن النفقة أصلا أو تكميلا، فلمن له النفقة أو يباشر الإنفاق أن يأخذ من ماله، ولو بغير علمه، وذلك لأن السبب ظاهر، ولا ينسب في هذه الحالة إلى خيانة، فلا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تخن من خانك» .
وهذا هو القول الوسط الصحيح في مسألة الأخذ من مال من له حق عليه بغير علمه بمقدار حقه، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد أنه لا يجوز ذلك، إلا إذا كان السبب ظاهرا، كالنفقة على الزوجة والأولاد والمماليك ونحوهم، وكحق الضيف.
ومنه أن المتولي أمرا من الأمور يحتاج فيه إلى تقدير مالي يقبل قوله في التقدير؛ لأنه مؤتمن، له الولاية على ذلك الشيء.
ومنه أن المستفتي فتوى لها تعلق بالغير، إذا غلب على ظن المسؤول صدقه لا يحتاج إلى إحضار ذلك الغير، وخصوصا إذا كان في ذلك مفسدة، كما في هذه القضية، فإنه لو أحضر أبا سفيان لهذه الشكاية، لم يؤمن أن يقع بينه وبين زوجه ما لا ينبغي.
وليس في هذا دلالة على الغائب، فإن هذا ليس بحكم، وإنما هو استفتاء. والله أعلم.