وإذا كان هذا في محبة الخلق فيما بينهم، فكيف بمن أحب الله، وقدم محبته وخشيته على كل شيء؟ فإنه مع الله، وقد حصل له القرب الكامل منه، وهو قرب المحبين، وكان الله معه. ف {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]
وأعلى أنواع الإحسان محبة الرحيم الكريم الرحمن، محبة مقرونة بمعرفته. فنسأل الله أن يرزقنا حبه، وحب من يحبه، وحب العمل الذي يقرب إلى حبه، إنه جواد كريم، وبالله التوفيق.
الحديث الخامس والثمانون عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ: كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ. اللَّهمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ، فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ) وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: (آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لربنا حامدون» . رواه مسلم.
هذا الحديث فيه فوائد عظيمة تتعلق بالسفر.
وقد اشتملت هذه الأدعية على طلب مصالح الدين - التي هي أهم الأمور - ومصالح الدنيا، وعلى حصول المحاب، ودفع المكاره والمضار وعلى شكر نعم الله، والتذكر لآلائه وكرمه، واشتمال السفر على طاعة الله، وما يقرب إليه.