فإن الأسباب التي تحصل بها المحبوبات الدنيوية قسمان: أمور محسوسة، تدخل في إدراك الحواس، ومدارك العقول. وأمور ربانية إلهية قدرها من هو على كل شيء قدير، ومن جميع الأسباب وأمور العالم منقادة لمشيئته، ومن تكفل بالكفاية للمتوكلين، ووعد بالرزق والخروج من المضايق للمتقين. قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2 - 3]
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما نقصت صدقة من مال» بل تزيده، فكيف بالصدقة والهدية على أقاربه وأرحامه؟
وفي هذا الحديث دليل: على أن قصد العامل، ما يترتب على عمله من ثواب الدنيا لا يضره إذا كان القصد من العمل وجه الله والدار الآخرة. فإن الله بحكمته ورحمته رتب الثواب العاجل والآجل، ووعد بذلك العاملين؛ لأن الأمل واستثمار ذلك ينشط العاملين، ويبعث هممهم على الخير، كما أن الوعيد على الجرائم، وذكر عقوباتها مما يخوف الله به عباده ويبعثهم على ترك الذنوب والجرائم.
فالمؤمن الصادق يكون في فعله وتركه مخلصا لله، مستعينا بما في الأعمال من المرغبات المتنوعة على هذا المقصد الأعلى، والله الموفق.
الحديث الرابع والثمانون عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
«المرء مع من أحب» هذا الحديث فيه الحث على قوة محبة الرسل، واتباعهم بحسب مراتبهم،