هذه الأسئلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها: هي التي نهى الله عنها في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]
وهي الأسئلة عن أشياء من أمور الغيب، أو من الأمور التي عفا الله عنها، فلم يحرمها ولم يوجبها، فيسأل السائل عنها وقت نزول الوحي والتشريع، فربما وجبت بسبب السؤال، وربما حرمت كذلك، فيدخل السائل في قوله صلى الله عليه وسلم: «أعظم المسلمين جرما: من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته» .
وكذلك ينهى العبد عن سؤال التعنت والأغلوطات، وينهى أيضا عن أن يسأل عن الأمور الطفيفة غير المهمة، ويدع السؤال عن الأمور المهمة، فهذه الأسئلة وما أشبهها هي التي نهى الشارع عنها.
وأما السؤال على وجه الاسترشاد عن المسائل الدينية من أصول وفروع، عبادات أو معاملات، فهي مما أمر الله بها ورسوله، ومما حث عليها، وهي الوسيلة لتعلم العلوم، وإدراك الحقائق، قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] وقال: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45]
إلى غيرها من الآيات. وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ به خيرا يفقهه في الدين» وذلك بسلوك طريق التفقه في الدين دراسة وتعلما وسؤالا، وقال: «ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال» .
وقد أمر الله بالرفق بالسائل، وإعطائه مطلوبه، وعدم التضجر منه. وقال في سورة الضحى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 10] فهذا يشمل