ويشبه هذا من بعض الوجوه، قتال أهل البغي لأهل العدل، حيث لم يضمنهم العلماء ما أتلفوه حال الحرب من نفوس وأموال للتأويل، كما أجمع على ذلك الصحابة رضي الله عنهم حين وقعت الفتنة، فأجمعوا على أن ما تلف من نفوس، وأتلف من أموال، ليس فيه ضمان من الطرفين.
وفي قوله: «ثم يتوب الله على الآخر فيسلم» دليل على أن توبة الله على من أسلم أو تاب من ذنوبه متقدمة على توبة العبد، فإنه تعالى إذن بتوبته وقدرها ولطف به، إذ قيض له الأسباب الموجبة لتوبته، فتاب العبد، ثم تاب الله عليه بعد ذلك، بأن محا عنه ما سبق من الجرائم - الكفر فما دونه - فتوبة العبد محفوفة بتوبتين، تفضل بهما عليه ربه، إذنه له وتقديره وتيسيره للتوبة حتى تاب، ثم قبول توبته ومحو زلته، فهو تعالى التواب الرحيم.
والتوبة من أجل الطاعات وأعظمها، فهذا الحكم ثابت في جميع الطاعات كلها، يوفق الله لها العبد أولا، وييسر له أسبابها، ويسهل له طرقها، ثم إذا فعلها المطيع قبلها، وكتب له بها رضوانه وثوابه، فما أوسع فضل الكريم، وما أغزر كرمه المتنوع العميم. . والله أعلم.
الحديث السابع والسبعون عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يتمنين أحدكم الموت لضرر أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» مُتَّفَقٌ عليه.
هذا نهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض أو فقر أو خوف، أو وقوع في شدة ومهلكة، أو نحوها من الأشياء، فإن في تمني الموت