فتدبيره لأمور دينه: أن يسعى في تعرف الصراط المستقيم، وما كان عليه النبي الكريم من الأخلاق والهدي والسمت، ثم يسعى في سلوكه بحالة منتظمة. كما قال صلى الله عليه وسلم: «استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا» .
وقد تقدم شرح هذا الحديث وبيان الطريق الذي أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها طريق سهلة توصل إلى الله وإلى دار كرامته بسهولة وراحة، وأنها لا تفوت على العبد من راحاته وأموره الدنيوية شيئا، بل يتمكن العبد معها من تحصيل المصلحتين والفوز بالسعادتين والحياة الطيبة.
فمتى دبر أحواله الدينية بهذا الميزان الشرعي، فقد كمل دينه وعقله، لأن المطلوب من العقل: أن يوصل صاحبه إلى العواقب الحميدة من أقرب طريق وأيسره.
وأما تدبير المعاش، فإن العاقل يسعى في طلب الرزق بما يتضح له أنه أنفع له وأجدى عليه في حصول مقصوده. ولا يتخبط في الأسباب خبط عشواء، لا يقر له قرار، بل إذا رأى سببا فتح له باب رزق فليلزمه، وليثابر عليه، وليجمل في الطلب، ففي هذا بركة مجربة.
ثم يدبر تدبيرا آخر، وهو التدبير في التصريف والإنفاق، فلا ينفق في طرق محرمة، أو طرق غير نافعة، أو يسرف في النفقات المباحة أو يقتر. وميزان ذلك قوله تعالى في مدح الأخيار: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]
فحسن التدبير في كسب الأرزاق، وحسن التدبير في الإنفاق، والتصريف،