الصالحة، وصحبة الأشرار: تحرمه ذلك أجمع: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا - يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا - لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27 - 29]
الحديث التاسع والستون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين» . متفق عليه.
هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم: لبيان كمال احتراز المؤمن ويقظته، وأن المؤمن يمنعه إيمانه من اقتراف السيئات التي تضره مقارفتها، وأنه متى وقع في شيء منها، فإنه في الحال يبادر إلى الندم والتوبة والإنابة.
ومن تمام توبته: أن يحذر غاية الحذر من ذلك السبب الذي أوقعه في الذنب، كحال من أدخل يده في جحر فلدغته حية، فإنه بعد ذلك لا يكاد يدخل يده في ذلك الجحر، لما أصابه فيه أول مرة.
وكما أن الإيمان يحمل صاحبه على فعل الطاعات، ويرغبه فيها، ويحزنه لفواتها، فكذلك يزجره عن مقارفة السيئات، وإن وقعت بادر إلى النزوع عنها، ولم يعد إلى مثل ما وقع فيه.
وفي هذا الحديث: الحث على الحزم والكيس في جميع الأمور. ومن لوازم ذلك: تعرف الأسباب النافعة ليقوم بها، والأسباب الضارة ليتجنبها.
ويدل على الحث على تجنب أسباب الريب التي يخشى من مقاربتها الوقوع في الشر. وعلى أن الذرائع معتبرة.