إليها، وإن أوتيتها عن غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهِا. وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَائْتِ الَّذِي هو خير، وكفر عن يمينك» . متفق عليه.

هذا الحديث احتوى على جملتين عظيمتين:

إحداهما: أن الإمارة وغيرها من الولايات على الخلق، لا ينبغي للعبد أن يسألها، ويتعرض لها. بل يسأل الله العافية والسلامة، فإنه لا يدري، هل تكون الولاية خيرا له أو شرا؟ ولا يدري، هل يستطيع القيام بها، أم لا؟

فإذا سألها وحرص عليها، وكل إلى نفسه. ومتى وكل العبد إلى نفسه، لم يوفق، ولم يسدد في أموره، ولم يعن عليها، لأن سؤالها ينبئ عن محذورين:

الأول: الحرص على الدنيا والرئاسة، والحرص يحمل على الريبة في التخوض في مال الله، والعلو على عباد الله.

الثاني: فيه نوع اتكال على النفس، وانقطاع عن الاستعانة بالله. ولهذا قال: «وكلت إليها» .

وأما من لم يحرص عليها ولم يتشوف لها، بل أتته من غير مسألة ورأى من نفسه عدم قدرته عليها، فإن الله يعينه عليها، ولا يكله إلى نفسه لأنه لم يتعرض للبلاء، ومن جاءه البلاء بغير اختياره حمل عنه، ووفق للقيام بوظيفته. وفي هذه الحال يقوى توكله على الله تعالى، ومتى قام العبد بالسبب متوكلا على الله نجح.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «أعنت عليها» دليل على أن الإمارة وغيرها من الولايات الدنيوية جامعة للأمرين: للدين، وللدنيا، فإن المقصود من الولايات كلها: إصلاح دين الناس ودنياهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015