الحديث الثامن والثلاثون: من البيوع المنهي عنها.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرر" رَوَاهُ مسلم1.

وهذا كلام جامع لكل غَرر. والمراد بالغَرر: المخاطرة والجهالة. وذلك داخل في الميسر، فإن الميسر كما يدخل في المغالبات والرهان -إلا رهان سباق الخيل والإبل والسهام2- فكذلك يدخل في أمور المعاملات.

فكل بيع فيه خطر: هل يحصل المبيع، أو لا يحصل؟ -كبيع الآبق والشارد والمغصوب من غير غاصبه، أو غير القادر على أخذه، وكبيع ما في ذمم الناس -وخصوصاً المماطلين والمعسرين - فإنه داخل في الغرر.

وكذلك كل بيع فيه جهالة ظاهرة يتفاوت فيها المقصود؛ فإنها داخلة في بيع الغرر، كبيعه ما في بيته من المتاع، أو ما في دكانه، أو ما في هذا الموضع، وهو لا يدري به ولا يعلمه، أو بيع الحصاة التي هي مثال من أمثلة الغرر، كأن يقول: ارم هذه الحصاة، فعلى أيّ متاع وقعت، فهو عليك بكذا، أو ارمها في الأرض فما بلغته من المدى، فهو لك بكذا، أو بيع المنابذة أو الملامسة، أو بيع ما في بطون الأنعام، وما أشبه ذلك: فكل ذلك غرر واضح.

ومن حكمة الشارع: تحريم هذا النوع؛ لما فيه من المخاطرات، وإحداث العداوات التي قد يغبن فيها أحدهما الآخر غبناً فاحشاً مضراً.

ولهذا اشترط العلماء للبيع: العلم بالمبيع، والعلم بالثمن.

واشترطوا أيضاً: أن يكون العاقد جائز التصرف، بأن يكون بالغاً عاقلاً رشيداً؛ لأن العقد مع الصغير أو غير الرشيد لا بد أن يحصل به غبن مضر. وذلك من الغرر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015