وقوله صلّى الله عليه وسلم: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لقاء ربه".
هذا ثوابان: عاجل، وآجل.
فالعاجل: مشاهد إذا أفطر الصائم فرح بنعمة الله عليه بتكميل الصيام. وفرح بنيل شهواته التي منع منها في النهار.
والآجل: فرحه عند لقاء ربه برضوانه وكرامته. وهذا الفرح المعجل نموذج ذلك الفرح المؤجل، وأن الله سيجمعهما للصائم.
وفيه: الإشارة إلى أن الصائم إذا قارب فطره، وحصلت له هذه الفرحة، فإنها تقابل ما مر عليها في نهاره من مشقة ترك الشهوات. فهي من باب التنشيط، وإنهاض الهمم على الخير.
وقوله: "وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ريح المسك".
الخلوف: هو الأثر الذي يكون في الفم من رائحة الجوف عند خلوه من الطعام وتصاعد الأبخرة. فهو وإن كان كريهاً للنفوس، فلا تحزن أيها الصائم؛ فإنه أطيب عند الله من ريح المسك، فإنه متأثر عن عبادته والتقرب إليه. وكل ما تأثر عن العبادات من المشقات والكريهات فهو محبوب لله. ومحبوب الله عند المؤمن مقدم على كل شيء.