عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الدِّينَ يُسْر، وَلَنْ يَشادَّ الدينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فسَدِّدوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بالغُدْوة وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلَجة" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَفِي لفظ "والقصدَ القصدَ تَبْلُغوا"2.
ما أعظم هذا الحديث، وأجمعه للخير والوصايا النافعة، والأصول الجامعة. فقد أُسّس صلّى الله عليه وسلم في أوله هذا الأصل الكبير. فقال: "إن الدين يسر" أي ميسر مسهل في عقائده وأخلاقه وأعماله، وفي أفعاله وتُروكه. فإن عقائده التي ترجع إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقَدَر خيره وشره: هي العقائد الصحيحة التي تطمئن لها القلوب، وتوصِّل مقتديها إلى أجلِّ غاية وأفضل مطلوب وأخلاقه وأعماله أكمل الأخلاق، وأصلح الأعمال، بها صلاح الدين والدنيا والآخرة. وبفواتها يفوت الصلاح كله. وهي كلها ميسرة مسهلة، كل مكلف يرى نفسه قادراً عليها لا تشق عليه، ولا تكلفه، عقائده صحيحة بسيطة. تقبلها العقول السليمة، والفطر المستقيمة. وفرائضه أسهل شيء.
أما الصلوات الخمس: فإنها تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات في أوقات مناسبة لها. وتمم اللطيف الخبير سهولتها بإيجاب الجماعة والاجتماع لها؛ فإن الاجتماع في العبادات من المنشطات والمسهلات لها ورتب عليها من خير الدين وصلاح الإيمان، وثواب الله العاجل والآجل ما يوجب للمؤمن أن يستحليها، ويحمد الله على فرضه لها على العباد؛ إذ لا غنى لهم عنها.
وأما الزكاة: فإنها لا تجب على فقير ليس عنده نصاب زكوي. وإنما تجب على الأغنياء تتميماً لدينهم وإسلامهم، وتنمية لأموالهم، وأخلاقهم، ودفعاً للآفات عنهم وعن أموالهم، وتطهيراً لهم من السيئات، ومواساة لمحاويجهم، وقياماً لمصالحهم الكلية. وهي مع ذلك جزءٌ