محمداً الوسيلة والفضيلة. وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته"1 ثم يدعو لنفسه؛ لأنه من مواطن الإجابة التي ينبغي للداعي قصدها.

الجملة الثانية: قوله: "وليؤمكم أكبركم" فيه: وجوب صلاة الجماعة وأن أقلها إمام ومأموم، وأن الأولى بالإمامة أقومهم بمقصود الإمامة، كما ثبت في الصحيح: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنّة. فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة أو إسلاماً"2 فإن كانوا متقاربين - كما في الحديث - كان الأولى منهما أكبرهما؛ فإن تقديم الأكبر مشروع في كل أمر طلب فيه الترتيب، إذا لم يكن للصغير مزيد فضل؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: "كَبِّرْ، كَبِّرْ"3.

وإذا ترتبت الصلاة بإمام ومأموم فإنما جعل الإمام ليؤتم به. فإذا كبر: كَبَّر من وراءه. وإذا ركع، وسجد، ورفع: تبعه من بعده وينهى عن موافقته في أفعال الصلاة. وأما مسابقته الإمام، والتقدم عليه في ركوع أو سجود، أو خفض أو رفع، فإن ذلك حرام، مبطل للصلاة. فيؤمر المأمومون بالاقتداء بإمامهم. وينهون عن الموافقة والمسابقة والتخلف الكثير. فإن كانوا اثنين فأكثر فالأفضل: أن يصفوا خلفه. ويجوز عن يمينه، أو عن جانبيه. والرجل الواحد يصف عن يمين الإمام. والمرأة خلف الرجل، أو الرجل. وتقف وحدها، إلا إذا كان معها نساء فيكنَّ كالرجال في وجوب المصافّة. وإن وقف الرجل الواحد خلف الإمام أو خلف الصف لغير عذر بطلت صلاته.

وعلى الإمام تحصيل مقصود الإمامة من الجهر بالتكبير في الانتقالات والتسميع، ومن الجهر في القراءة الجهرية. وعليه مراعاة المأمومين في التقدم والتأخر، والتخفيف مع الإتمام.

الجملة الثالثة: وهي الأولى في هذا الحديث - قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وهذا تعليم منه صلّى الله عليه وسلم بالقول والفعل، كما فعل ذلك في الحج، حيث كان يقوم بأداء المناسك ويقول للناس: "خذوا عني مناسككم"4 وهذه الجملة تأتي على جميع ما كان يفعله ويقوله ويأمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015