الأحوال, وتتمّ له النتائج والثمرات الطيّبة في أمر الدين وأمر الدنيا, لكنّه في هذه الأحوال محتاج - بل مضطر غاية الاضطرار - إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها، والجد في طلبها.
فالأمور النافعة في الدين ترجع إلى أمرين: علم نافع، وعمل صالح.
أما العلم النافع: فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح، المثمر لسعادة الدارين. وهو ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلم من حديث وتفسير وفقه، وما يعين على ذلك من علوم العربية بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الإنسان، وتعيين ذلك يختلف باختلاف الأحوال. والحالة التقريبية: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصر من مختصرات الفن الذي يشتغل فيه. فإن تعذر أو تعسر عليه حفظه لفظاً، فليكرره كثيراً، متدبراً لمعانيه، حتى ترسخ معانيه في قلبه. ثم تكون باقي كتب هذا الفن كالتفسير والتوضيح والتفريع لذلك الأصل الذي عرفه وأدركه، فإن الإنسان إذا حفظ الأصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها: صغارها وكبارها. ومن ضيع الأصول حرم الوصول.
فمن حرص على هذا الذي ذكرناه، واستعان بالله: أعانه الله، وبارك في علمه، وطريقه الذي سلكه.
ومن سلك في طلب العلم غير هذه الطريقة النافعة: فاتت عليه الأوقات، ولم يدرك إلا العناء، كما هو معروف بالتجربة. والواقع يشهد به، فإن يسر الله له معلماً يحسن طريقة التعليم، ومسالك التفهيم: تم له السبب الموصل إلى العلم.
وأما الأمر الثاني - وهو العمل الصالح -: فهو الذي جمع الإخلاص لله، والمتابعة للرسول صلّى الله عليه وسلم، وهو التقرب إلى الله: باعتقاد ما يجب لله من صفات الكمال، وما يستحقه على عباده من العبودية، وتنزيهه عما لا يليق بجلاله، وتصديقه وتصديق رسوله في كل خبر أخبرا به عما مضى، وعما يستقبل عن الرسل، والكتب والملائكة، وأحول الآخرة، والجنة والنار، والثواب والعقاب وغير ذلك ثم يسعى في أداء ما فرضه الله على عباده: من حقوق الله، وحقوق خلقه ويكمل ذلك بالنوافل والتطوعات، خصوصاً المؤكدة في أوقاتها، مستعيناً بالله على فعلها، وعلى تحقيقها وتكميلها، وفعلها على وجه الإخلاص الذي لا يشوبه غرض من الأغراض النفسية. وكذلك يتقرب إلى الله بترك المحرمات، وخصوصاً التي تدعو إليها