عَنْ أَبِي ذرٍّ رضي الله عنه قَالَ: "قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ -أَوْ يُحِبُّهُ- النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: تلك عاجل بشرى المؤمن" رواه مسلم1.
أخبر صلّى الله عليه وسلم في هذا الحديث: أن آثار الأعمال المحمودة المعجلة أنها من البشرى؛ فإن الله وعد أولياءه -وهم المؤمنون المتقون- بالبشرى في هذه الحياة وفي الآخرة.
و"البشارة" الخبر أو الأمر السار الذي يعرف به العبد حسن عاقبته، وأنه من أهل السعادة، وأن عمله مقبول.
أما في الآخرة فهي البشارة برضى الله وثوابه، والنجاة من غضبه وعقابه، عند الموت، وفي القبر، وعند القيام إلى البعث يبعث الله لعبده المؤمن في تلك المواضع بالبشرى على يدي الملائكة، كم تكاثرت بذلك نصوص الكتاب والسنة، وهي معروفة.
وأما البشارة في الدنيا التي يعجلها الله للمؤمنين؛ نموذجاً وتعجيلاً لفضله، وتعرفاً لهم بذلك، وتنشيطاً لهم على الأعمال فأعمها توفيقه لهم للخير، وعصمته لهم من الشر، كما قال صلّى الله عليه وسلم: "أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة"2.
فإذا كان العبد يجد أعمال الخير ميسرة له، مسهلة عليه، ويجد نفسه محفوظاً بحفظ الله من الأعمال التي تضره، كان هذا من البشرى التي يستدل بها المؤمن على عاقبة أمره؛ فإن الله أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين. وإذا ابتدأ عبد بالإحسان أتمه. فأعظم منة وإحسان يمن به عليه إحسانه الديني. فيسرّ المؤمن بذلك أكمل سرور: سرور بمنة الله عليه بأعمال الخير، وتيسيرها؛ لأن أعظم علامات الإيمان محبة الخير، والرغبة فيه، والسرور بفعله. وسرور ثان بطمعه الشديد في إتمام الله نعمته عليه، ودوام فضله.
ومن ذلك ما ذكره النبي صلّى الله عليه وسلم في هذا الحديث: إذا عمل العبد عملاً من أعمال الخير