وأما قوله: "وكثرة السؤال" فهذا هو السؤال المذموم، كسؤال الدنيا من غير حاجة وضرورة، والسؤال على وجه التعنت والإعنات، وعن الأمور التي يخشى من ضررها، أو عن الأمور التي لا نفع فيها، الداخلة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101] . وأما السؤال عن العلوم النافعة على وجه الاسترشاد أو الإرشاد فهذا محمود مأمور به.
وقوله: "وإضاعة المال" وذلك إما بترك حفظه حتى يضيع، أو يكون عرضة للسرَّاق والضياع، وإما بإهمال عمارة عقاره، أو الإنفاق على حيوانه، وإما بإنفاق المال في الأمور الضارة، أو الغير النافعة. فكل هذا داخل في إضاعة المال. وإما بتولي ناقصي العقول لها، كالصغار والسفهاء والمجانين ونحوهم؛ لأن الله تعالى جعل الأموال قياماً للناس، بها تقوم مصالحهم الدينية والدنيوية. فتمام النعمة فيها أن تصرف فيما خلقت له: من المنافع، والأمور الشرعية، والمنافع الدنيوية.
وما كرهه الله لعباده، فهو يحب منهم ضدها، يحب منهم أن يكونوا متثبتين في جميع ما يقولونه، وأن لا ينقلوا كل ما سمعوه، وأن يكونوا متحرين للصدق، وأن لا يسألوا إلا عما ينفع، وأن يحفظوا أموالهم ويدبروها، ويتصرفوا فيها التصرفات النافعة، ويصرفوها في المصارف النافعة. ولهذا قال تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً} [النساء:5] . والحمد لله أولاً وآخراً. والله أعلم.