عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يتمنينّ أحدكم الموت لضرر أَصَابَهُ. فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي" مُتَّفَقٌ عليه1.
هذا نهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض أو فقر أو خوف، أو وقوع في شدة ومهلكة، أو نحوها من الأشياء. فإن في تمني الموت لذلك مفاسد.
منها: أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها، وهو مأمور بالصبر والقيام بوظيفته.
ومعلوم أن تمني الموت ينافي ذلك.
ومنها: أنه يُضعف النفس، ويحدث الخَوَر والكسل. ويوقع في اليأس، والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور، والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به. وذلك موجب لأمرين: اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه.
ومنها: أن تمنى الموت جهل وحمق؛ فإنه لا يدري ما يكون بعد الموت، فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه، من عذاب البرزخ وأهواله.
ومنها: أن الموت يقطع على العبد الأعمال الصالحة التي هو بصدد فعلها والقيام بها، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له. فكيف يتمنى انقطاع عملٍ، الذَّرةُ منه خير من الدنيا وما عليها.
وأخص من هذا العموم: قيامه بالصبر على الضر الذي أصبه. فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب.
ولهذا قال في آخر الحديث: "فإن كان لا بد فاعلاُ فليقلك اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً