عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حقَّه، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ" رَوَاهُ أَبُو داود والترمذي وابن ماجة1.
هذان الحديثان اشتملا على جلّ أحكام المواريث، وأحكام الوصايا فإن الله تعالى فصَّل أحكام المواريث تفصيلاً تاماً واضحاً، وأعطى كل ذي حق حقه. وأمر صلّى الله عليه وسلم أن يلحق الفرائض بأهلها، فيقدمون على العصبات. فما بقي فهو لأوْلى رجل ذكر. وهم العصبة من الفروع الذكور، والأصول الذكور، وفروع الأصول الذكور، والولاء.
فيقدم من هذه الجهات إذا اجتمع عاصبان فأكثر: الأقرب جهة. فإن كانوا في جهة واحدة قدم الأقرب منزلة. فيقدم الابن على ابن الابن، والعم مثلاً على ابن العم. فإن كانوا في منزلة واحدة، وتميز أحدهم بقوة القرابة ولا يتصور ذلك إلا في فروع الأصول، كالإخوة والأعمام مطلقاً وبنيهم: قدم الأقوى - وهو الشقيق- على الذي لأب.
وهذا هو المراد بقوله صلّى الله عليه وسلم: "لأولى رجل ذكر" أي: أقربهم جهة، أو منزلة، أو قوة، على حسب هذا الترتيب.
وعلم من هذا: أن صاحب الفرض مقدم على العاصب في البداءة، وأنه إن استغرقت الفروض التركة سقط العاصب في جميع مسائل الفرائض، حتى في الحِمَارِيَّة، وهي ما إذا خَلَّفت زوجاً، وأُمَّاً، وإخوة لأم وإخوة أشقاء: فللزوج النصف، وللأم السدس؛ وللإخوة لأم الثلث.
فهؤلاء أهل فروض ألحقنا بهم فروضهم، وسقط الأشقاء؛ لأنهم عصبات. وهذا هو الصحيح لأدلة كثيرة. هذا أوضحها.