كيف ترجُّون سقوطي بعدما ... عمَّم الرَّأس بياضٌ وصلع
بئس ما ظنُّوا وقد عرَّفتهم ... عند غايات المدى كيف أقع
ربَّ من أنضجت غيظاً صدره ... قد تمنّى لي موتاً لم يطع
ويراني كالشَّجا في حلقه ... عسراً مخرجه ما ينتزع
مزبداً يخطر ما لم يرني ... فإذا أسمعته صوتي انفقع
لم يضرني غير أن يحسدني ... فهو يزقو مثل ما يزقو الضُّوع
ويحيِّيني إذا لاقيته ... وإذا يخلو له لحمي رتع
قد كفاني الله ما في نفسه ... وإذا ما يكف شيئاً لم يضع
وقال أبو الأسود الدُّؤلي، ويقال إنها للعرزمي:
تلقي الّلبيب محسَّداً لم يجترم ... شتم الرِّجال وعرضه مشتوم
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالنَّاس أعداءٌ له وخصوم
وقال المرَّار الفقعسيّ:
لاتسأل النَّاس عن مالي وكثرته ... قد يقتر المرء يوماً وهو محمود
أمضي على سنَّةٍ من والدٍ سلفت ... وفي أورمته ما ينبت العود
مطالبٌ بتراتٍ غير مدركةٍ ... محسَّدٌ والفتى ذو الُّلبِّ محسود
وقال أبو الطيب:
أعادي على ما يوجب الحبَّ للفتى ... وأهدأ والأفكار فيَّ تجول
سوى وجع الحسَّاد داو فإنَّه ... إذا حلَّ في قلبٍ فليس يزول
ولا تطمعن من حاسدٍ في مودةٍ ... وإن كنت تبديها له وتنيل
وقال لبيد بن عطارد بن حاجب التَّميمي:
إن يحسدوني فإنَّي غير لائمهم ... قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهم ... ومات أكثرنا غيظاً بما يجد
أنا الّذي يجدوني في حلوقهم ... لا أرتقي صعداً فيها ولا أرد
وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:
ماضرَّني حسد اللئام ولم يزل ... ذو الفضل يحسده ذوو النُّقصان
وقال مروان بن أبي حفصة:
ماضرَّه حسد اللئام ولم يزل ... ذو الفضل يحسده ذوو التَّقصير
قال معاوية بن أبي سفيان: كل الناس أرضيته إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها.
أخذه الشاعر فقال:
كلُّ العداوة قد ترجى إماتتها ... إلاَّ عداوة من عاداك من حسد
قال معاوية بن أبي سفيان: ليس في خلال الشر أشر من الحسد، لأنه قد يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود.
كان يقال: الحاسد إذا رأى نعمة بهت، وإذا رأى عثرة شمت.
قال الخليل بن أحمد: لا شيء أشبه بالمظلوم من الحاسد.
قال محمود الوراق:
؟ أعطيت كلَّ النَّاس من نفسي الرِّضا ... إلاَّ الحسود فإنَّه أعياني
لا أنَّ لي ذنباً لديه علمته ... إلاَّ تظاهر نعمة الرَّحمن
يطوي على حنقٍ حشاه لأن رأى ... عندي كمال غنىً وفضل بيان
ماإن أرى يرضيه إلاَّ ذلَّتي ... وذهاب أموالي وقطع لساني
وقال آخر:؟
إن يكثر الله حسُّاداً لهم فعلي ... مقدار ما كثرت فيهم من النِّعم
وقال محمّد بن زياد الحارثي:
إذا ما حملت الشُّكر في كلِّ نعمةٍ ... يحقُّ عليك شكرها واحتمالها
فدع لحسودٍ بعد ذلك خطَّةً ... يكون عليه همُّها ووبالها
لك الأجر والمهنى وللحاسد الَّذي ... يكيدك فيها جرمها ونكالها
وقال آخر:
تمنَّى لي الموت المعجَّل خالدٌ ... ولا خير فيمن ليس يعرف حاسده
وقال نصر بن أحمد:
كأنَّما الدَّهر قد أغرى بنا حسداً ... ونعمة الله مقرونٌ بها الحسد
وقال آخر:
إنَّ العرانين تلقاها محسَّدةً ... ولن ترى للئام النَّاس حسَّادا
وقال آخر:
محسَّدون على ما كان من نعمٍ ... لا ينزع الله عنهم ماله حسدوا
وقال آخر:
إنِّي نشأت وحسَّادي ذوو عددٍ ... ياذ المعارج لا تنقص لهم عددا
وقال بشار العقيلي: