هو كذلك إذ رأى بخت نصر رؤيا، فجلس ثم نسيها، ثم عاد فرآها، ففزع فقام من نومه، ثم عاد فرقد فرآها، فخرج إلى الحجر فنسيها، فلما أصبح. دعا العلماء والكهان، فقال: أخبروني بشيءٍ رأيت البارحة، وإذا أخبرتموني بما رأيت. فأولوا لي رؤياي، وإلا فليمش كل رجل منكم إلى خشبته، موعدكم ثلاث. فقالوا: هذا خبر قد أظلنا منه بلاء، فكيف بالنجاة منه، فجعل دانييل يقول كلما مر به رجل من رجاله: لو دعاني الملك لأخبرته بما رأى وأولت ذلك. فجعلوا يقولون: ما أحمق هذا الغلام الإسرائيلي! إلى أن مر به كهل فقال ذلك له، فرفعه إلى الملك وقال له: ماذا رأيت؟ قال: رأيت تمثالا. قال: إيه. قال: ورأسه من ذهب. قال: إيه، قال: وعنقه من فضة، قال: إيه: قال وصدره من حديد. قال: إيه. قال وبطنه من صفر. قال: إيه: قال ورجلاه من آنك. قال: إيه. قال: وقدماه من فخار. قال: نعم، هذا الذي رأيت. قال: فجاءت حصاة فوقعت في رأسه ثم في عنقه ثم في صدره ثم في بطنه ثم في رجليه ثم في قدميه فأهلكته، قال: نعم، فما تأويل هذا؟ قال: أما الذهب فملكك، وأما الفضة فملك ابنك من بعدك ثم ملك ابن ابنك، وأما الفخار فملك النساء. فكساه جبة سبنية وسوره وأجازه وأمر أن يطاف به في القرية، وأخبر أن خاتمة جائز على ما ختم، فلما رأت ذلك فارس، قالوا: ما الأمر إلا أمر هذا الإسرائيلي فكيف نهدمه؟ قالوا: ائتوه من نحو الفتية الثلاثة أصحابه، ولا تذكروا له دانييل فإنه لا يصدقكم عليه، فأتوه، فقالوا: إن هؤلاء الفتية الثلاثة ليسوا على دينك، وهم يكرهون ما تستحسنه، وآية ذلك أنك إذا قربت إليهم لحم الخنزير والخمر لم يأكلوا ولم يشربوا، فأمر بحطب كثير فوضع، ثم أوقدت النار ورماهم فيها، فلما كان من آخر الليل أمر بالنظر إليهم فإذا هم يتحدثون، وإذا معهم رابع يروح عليهم ودانييل يصلي، قال: من هذا يا دانييل؟ قال: هذا جبريل، ظلمت القوم. فأمر بهم فأنزلوا. قال: ومسخ الله عز وجل بخت نصر من الدواب كلها، فجعله من كل صنف من الدواب رأسه من السباع الأسد، ومن الطير النسر، وملك ابنه بعده، وكان دانييل يسدده، وكان معه ثم رماه عنه وأقصاه، ثم أنه رأى كفاً فرجت بين لوحين مكتوب فيها سطران، فدعا الكهان والعلماء، فلم يجد عندهم منه علماً، فقالت أمه: إنك لو دعوت دانييل وأعدت إليه منزلته ومنك ومن أبيك عرفك، فدعاه فقال: إني معيد إليك منزلتك من أبي، فأخبرني ما هذان السطران؟ قال: أما معيد لي منزلي من أبيك فلا حاجة لي بذلك، وأما السطران فإنك تقتل الليلة. فال: فأمر أن يخرج كل من في القصر، فأخرجوا أجمعين، وأمر بقفل أبوابه فغلقت الأبواب، وأدخل معه رجلا وضع بيده سيفاً، وقال له: كل من جاءك من خلق الله الليلة فاقتله، ولو قال: أنا فلان - يعني نفسه - وبعث الله عليه البطن، فجعل يمشي والآخر نائم، فبينما هو كذلك إذ استيقظ ونهض إليه، فقال: أنا فلان. فضربه بالسيف فقتله؟ قال الله تعالى: " وإن عدتم عدنا ". قال: فبعث الله عليهم العرب، فلم يزالوا يسومونهم سوء العذاب، ولا يزالون إلى يوم القيامة في ذلة وصغار. قال ابن جريج: فبلغني أن سعيد بن جبير كان يحدث بهذا الحديث، فلما بلغ هذا الموضع أخذه رسول الحجاج بن يوسف. كذلك إذ رأى بخت نصر رؤيا، فجلس ثم نسيها، ثم عاد فرآها، ففزع فقام من نومه، ثم عاد فرقد فرآها، فخرج إلى الحجر فنسيها، فلما أصبح. دعا العلماء والكهان، فقال: أخبروني بشيءٍ رأيت البارحة، وإذا أخبرتموني بما رأيت. فأولوا لي رؤياي، وإلا فليمش كل رجل منكم إلى خشبته، موعدكم ثلاث. فقالوا: هذا خبر قد أظلنا منه بلاء، فكيف بالنجاة منه، فجعل دانييل يقول كلما مر به رجل من رجاله: لو دعاني الملك لأخبرته بما رأى وأولت ذلك. فجعلوا يقولون: ما أحمق هذا الغلام الإسرائيلي! إلى أن مر به كهل فقال ذلك له، فرفعه إلى الملك وقال له: ماذا رأيت؟ قال: رأيت تمثالا. قال: إيه. قال: ورأسه من ذهب. قال: إيه، قال: وعنقه من فضة، قال: إيه: قال وصدره من حديد. قال: إيه. قال وبطنه من صفر. قال: إيه: قال ورجلاه من آنك. قال: إيه. قال: وقدماه من فخار. قال: نعم، هذا الذي رأيت. قال: فجاءت حصاة فوقعت في رأسه ثم في عنقه ثم في صدره ثم في بطنه ثم في رجليه ثم في قدميه فأهلكته، قال: نعم، فما تأويل هذا؟ قال: أما الذهب فملكك، وأما الفضة فملك ابنك من بعدك ثم ملك ابن ابنك، وأما الفخار فملك النساء. فكساه جبة سبنية وسوره وأجازه وأمر أن يطاف به في القرية، وأخبر أن خاتمة جائز على ما ختم، فلما رأت ذلك فارس، قالوا: ما الأمر إلا أمر هذا الإسرائيلي فكيف نهدمه؟ قالوا: ائتوه من نحو الفتية الثلاثة أصحابه، ولا تذكروا له دانييل فإنه لا يصدقكم عليه، فأتوه، فقالوا: إن هؤلاء الفتية الثلاثة ليسوا على دينك، وهم يكرهون ما تستحسنه، وآية ذلك أنك إذا قربت إليهم لحم الخنزير والخمر لم يأكلوا ولم يشربوا، فأمر بحطب كثير فوضع، ثم أوقدت النار ورماهم فيها، فلما كان من آخر الليل أمر بالنظر إليهم فإذا هم يتحدثون، وإذا معهم رابع يروح عليهم ودانييل يصلي، قال: من هذا يا دانييل؟ قال: هذا جبريل، ظلمت القوم. فأمر بهم فأنزلوا. قال: ومسخ الله عز وجل بخت نصر من الدواب كلها، فجعله من كل صنف من الدواب رأسه من السباع الأسد، ومن الطير النسر، وملك ابنه بعده، وكان دانييل يسدده، وكان معه ثم رماه عنه وأقصاه، ثم أنه رأى كفاً فرجت بين لوحين مكتوب فيها سطران، فدعا الكهان والعلماء، فلم يجد عندهم منه علماً، فقالت أمه: إنك لو دعوت دانييل وأعدت إليه منزلته ومنك ومن أبيك عرفك، فدعاه فقال: إني معيد إليك منزلتك من أبي، فأخبرني ما هذان السطران؟ قال: أما معيد لي منزلي من أبيك فلا حاجة لي بذلك، وأما السطران فإنك تقتل الليلة. فال: فأمر أن يخرج كل من في القصر، فأخرجوا أجمعين، وأمر بقفل أبوابه فغلقت الأبواب، وأدخل معه رجلا وضع بيده سيفاً، وقال له: كل من جاءك من خلق الله الليلة فاقتله، ولو قال: أنا فلان - يعني نفسه - وبعث الله عليه البطن، فجعل يمشي والآخر نائم، فبينما هو كذلك إذ استيقظ ونهض إليه، فقال: أنا فلان. فضربه بالسيف فقتله؟ قال الله تعالى: " وإن عدتم عدنا ". قال: فبعث الله عليهم العرب، فلم يزالوا يسومونهم سوء العذاب، ولا يزالون إلى يوم القيامة في ذلة وصغار. قال ابن جريج: فبلغني أن سعيد بن جبير كان يحدث بهذا الحديث، فلما بلغ هذا الموضع أخذه رسول الحجاج بن يوسف.