قال رجل لابن سيرين: رأيت في المنام كأن لحيتي بلغت سرتي، وأنا أنظر إليها. فقال له: أنت رجل مؤذن تنظر في دور الجيران.
كان ابن سيرين يستحب الطيب في النوم، يقول: هو ثناء حسن. وكان يعجبه الطيب الأسود كالمسك والغالية وشبه ذلك، ويقول: يتبعه عيش وثناء حسن.
سئل ابن سيرين عن الفيل في النوم، فقال: أمر جسيم قليل المنفعة.
قال رجل لابن سيرين: ما تقول يا أبا بكر في امرأة كانت ترى في المنام كأنها تأكل رأس جزور؟ فقال: تتقي الله ولا تبغض العرب.
كان ابن سيرين يستحب الزيت في النوم، ويقول: هو بركة كله، إن أكلته أو أدخلته بيتك أو شربته أو ادّهنت به أو تلطخت، لأنه من شجرةٍ مباركة.
كان ابن سيرين يقول: الماء في لا نوم فتنة، وبلاء في الدين، وأمر شديد؛ لأن الله تعالى يقول: " إنَّ الله مُبتلِيكم بنهرٍ ". وقال: " ماءً غدقاً، لنفتنهم فيه ".
قال ابن سيرين: ومن عبر نهراً، قطع بلاءً وفتنة ومشقة، ونجا من ذلك.
أتى رجل ابن سيرين، فقال له: خطبت امرأة فرأيتها في المنام. فقال له ابن سيرين: كيف رأيتها؟ قال: رأيتها سوداء قصيرة مكسورة الفم. فقال ابن سيرين: أما الذي رأيت من سوادها فإنها امرأة لها مال، وأما ما رأيت من كسر فمها فإنها امرأة فظيعة اللسان، وأما ما رأيت من قصرها، فإنها امرأة قصيرة العمر، وتوشك أن تموت عاجلاً، فذهب فتزوجها.
كان ابن سيرين يعبر الرجل إذا رأى أنه حل إزاره أو انحل، قال: هذا رجل يرزق امرأة.
وكان ابن سيرين لا يعبر الخاتم في المنام إلا امرأة يستفيدها. وكذلك كان هشام بن حسان: لا يعبر الفص في الخاتم: إلا أنه يقول: امرأة فيها قسوة.
قال هشام بن حسان: كان ابن سيرين يسأل عن مائة رؤيا، فلا يجيب فيها بشيء إلا أنه يقول: اتق الله وأحسن في اليقظة، فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم، وكان يجيب في خلال ذلك، ويقول: إنما أجيب بالظن، والظن يخطئ ويصيب.
قيل لابن سيرين: إنك تستقبل الرجل بما يكره، قال: إنه علم أكره كتمانه.
رأى الرشيد رؤيا فهمته، فوجه في الكرماني بريداً، فلما أتاه ومثل بين يديه خلا به وقال: بعثت فيك لرؤيا رأيتها. فقال: وما هي؟ قال: رأيت كلبين ينهشان قبل جارية من جواري. فقال له الكرماني: ما رأيت إلا خيراً يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: قل ما تراه وهات ما عندك، فقال له: هذه جارية دعوتها لتجامعها، وكان لا عهد لك معها بذلك، وكانت ذات شعر، فكرهت أن تحلق فتجد أثر الموسي، وكرهت أن تبقى على هيئتها، فأخذت جلماً فحلقت بعض الشعر وتركت بعضه، فأشار الرشيد إليه بالقعود، وقام فدخل إلى نسائه، ودعا بتلك الجارية فسارها مستفهماً منها عن ذلك، فأقرت به وصدقت الكرماني، فخرج إليه الرشيد، فقال له: أصبت وسررتني، وأمر له بصلة سنية، ثم قال له: إياك أن تحدث بها ما كنت حياّ. قال: فو الله ما حدثت بها ما دام الرشيد حيا.
قال الزبير: حدثني أبو ضمرة أنس بن عياض، قال: قيل لجعفر بن محمد: كم تتأخر الرؤيا؟ فقال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن كلباً أبقع يلغ في دمه، فكان شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين رضى الله عنه، وكان أبرص، فكان تأويل الرؤيا بعد خمسين سنة.
ذكر ابن المنتاب القاضي المالكي، قال: حدثنا بن أبي خيثمة، قال: حدثنا خالد بن خداش قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: وجه إلى جعفر بن سليمان ليلا، وهو أمير البصرة، فدخلت عليه، فقبلت يده فقبل يدي، وإذا هو مروع، فقال: رأيت البارحة مالك بن أنس في النوم وهو يقول: بيني وبينك الله. فقلت له: مالك بن أنس من العلم بمكان، وإنه لا يطالبك إلا بما بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرابة والنسب. قال: فما ترى؟ قلت له: تعتق. فأعتق عن كل سوط رقبة. قال القاضي ابن المنتاب: وكان عدد الأسواط نيفاً وثلاثين سوطاً.