فلم أر ديباجاً ولم أَرَ سُنْدُساً ... بأحسنَ في بيتِ الكريم من الخبزِ
وقال آخر:
فكم من أكْلةٍ مَنَعَتْ أَخَاهَا ... بلَّذةِ ساعةٍ أَكَلاَتِ دَهْرِ
وكم من طالبٍ يَسْعَى لشيءٍ ... وفيه هلاكُهُ لو كان يدرِي
قال المأمون: سبعة أشياءٍ لا تمل، أكل خبز البر، وشرب ماء العنب، وأكل لحم الضان، والثوب اللين، والرائحة الطيبة، والفراش الوطئ، والنظر إلى كل شيء حسن. فقال له الحسن ابن سهل: أين محادثة الإخوان يا أمير المؤمنين؟ قال: هن ثمانٍ وهي أولهن.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يرويه عن علي، أنه قال: لا يقام عن الطعام حتى يرفع.
قال ابن عباس: من السنة إذا دعوت أحداً إلى منزلك أن تخرج معه حتى يخرج.
روى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، أنه قال: رب البيت آخر من يغسل يديه.
وقال أبو الزناد: من إكرام الضيف وحسن الأدب في مؤاكلته، أن تغسل يديك قبله أولا، وبعده آخراً.
لعبد الله بن المبارك، وتمثل بها المأمون:
احضر طعامَك وابْذُلْه لمن أكلا ... واحَلِفْ على من أبى، واشكرْ لمن فَعَلاَ
ولا تكن سَابريَّ العَرْضِ مُحْتَشِماُ ... مِنَ القليلِ، فلستَ الدَّهْرَ مُحْتَفِلاَ
وقال آخر في ذم الشراب:
لا تفتكنّ على الكؤوس بِشُرْبها ... فهيَ التي بكَ عن قليلٍ تَفْتِكُ
يكفيك منْها أنَّ عقَلكَ تَارةً ... يبكي عَلَيْك، وَأنَّ جَهْلك يضحكُ
وقال آخر:
وإني لأستحيي أكيلِيَ أن يَرَى ... مكانَ يدي من جانبِ الزَّاد أقْرَعَا
أبيتُ هضم الكَشْح مضطمر الحشا ... من الجُوع أحْشى الذَّمَ أن أتضَلَّعَا
وإنَّك إنْ أَعطيتَ بطنك سُؤْلَهُ ... وَفَرْجَكَ نالا مُنْتَهَى الذِّم أَجْمَعَا
وقال كعب بن سعد الغنوي:
وزادٍ رفعتُ الكفَّ عنه تَجَمُّلاً ... لأوثَر في زادِي علىَّ أكيِلي
وما أنا للقول الذَّي لَيْس نَافِعِي ... ويغضبُ منه صاحبي بَقؤُولِ
روى أن المسيح عليه السلام قال: خلقان أكرههما، النوم من غير سهر، والضحك من غير عجب، والثالثة وهي العظمى: إعجاب الرجل بعلمه.
قال داود لابنه سليمان عليهما السلام: إياك وكثرة النوم، فإنه يفقرك إذا احتاج الناس إلى أعمالهم.
قال لقمان لابنه: يا بني! إياك وكثرة النوم والكسل والضجر، فإنك إذا كسلت لم تؤد حقا، وإذا ضجرت لم تصبر على حق.
كتب عمر بن الخطاب إلى بعض عماله: بلغني أنك لا تقيل، وإن الشياطين لا تقيل.
قال علي: من الجهل النوم في أول النهار من غير سهر، والضحك من غير عجب، والقائلة تزيد في العقل.
قال عبد الله بن مسعود: النوم - عند الموعظة من الشيطان -.
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: النوم على ثلاثة أوجه، نوم خرق، ونوم خلق، ونوم حمق. فأما النوم الخرق، فنومة الضحى، يقضى الناس حوائجهم وهو نائم، وأما نوم الخلق، فنوم القائلة نصف النهار، وأما نوم الحمق، فالنوم حين تحضر الصلوات.
قال غيره: نوم أول النهار خرق، ونوم القائلة خلق، ونوم العشى حمق، والنوم بين العشاءين يحرم الرزق.
قيل لأعرابي: ما يدعوك إلى نومه الضحى؟ قال: مبردة في الصيف، مسخنة في الشتاء.
قال بعض العلماء: النعاس يذهب العقل، والنوم يزيد فيه.
قال عبد الله بن شبرمة: نوم نصف النهار يعدل شربة دواء، يعني في الصيف.
قال عباس بن الأحنف:
قالوا: تنامُ، فقلت: الشّوْق يمنعُني ... من أن أنامَ وعيني حشَوها السُّهُدُ
أبكي الذَّين أذاقُوني مَوَدّتَهُمْ ... حتّى إذا أيقظوني للهوى رَقَدُوا
هم قد دَعَوْني فلما قمتُ مقتضيا ... للجبِّ نحوَهُمُ من قُرْبهم، بَعُدُوا
لأخرجنّ من الدنيا وحُبُّهُمُ ... بين الجوانِحِ لم يَشْعرْ به أحدُ
كان يقال: لإبليس لعوق وكحل وسعوط، فلعوقه الكذب، وكحله النعاس عند سماع الخير، وسعوطه الكبر.
قال علي بن الجهم، يهجو قوما:
أكثرُ ما يعرفُه القّوْمُ ... الأكْلُ والراحةُ والنّومُ