ظفر الحجاج بأصحاب ابن الأشعث، فجلس يضرب أعناقهم، فأتي في آخرهم برجل من تميم، فقال له ياحجاج! لئن كنا أسأنا في الدنيا، فما أحسنت في العقوبة. فقال الحجاج: أفّ لهذه الجيف، ما كان فيهم من يحسن هذا؟ وأمر بتخلية سبيل من بقي.
قال عمر بن عبد العزيز لسالم بن عبد الله بن عمر: أساءتك ولايتنا أم سرتك؟ قال: ساءتني لك وسرتني للمسلمين.
عاتب أعرابي أباه فقال: إن عظيم حقك علي، لا يذهب صغير حقي عليك، والذي تمتُّ به إليّ أمت بمثله إليك، ولست أزعم أنّا سواء، ولكن لا يحل لك الاعتداء.
لما مات الحسن أرادوا أن يدفنوه في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبت ذلك عائشة وركبت بغلة وجمعت الناس، فقال لها ابن عباس: كأنك أردت أن يقال: يوم البغلة كما قيل يوم الجمل؟! قالت: رحمك الله، ذاك يوم نسي. قال: لا يوم أذكر منه على الدهر.
قيل لمعاوية بن سفيان، يوم صفين: إنك تقدم حتى نقول: إنك تقبل، وإنك أشجع الناس، وتتأخر حتى نقول:إنك تفر، وإنك أجبن الناس. قال: أتقدم إذا كان التقدم غنما، وأتأخر إذا كان التأخرعزما.
سأل ابن الزُّبير معاوية حاجة فلم يقضها، فاستعان عليه بمولاة له، فقضى حاجته، فقال له رجل: استعنت بامرأة! فقال: إذا أعيت الأمور من أعاليها طلبناها من أسافلها.
اشتكىعبد الله بن صفوان ضرسه، فأتاه رجل يعوده، وقال: ما بك؟ قال: وجع الضرس. فقال: أما علمت ما يقول إبليس؟ قال: لا. قال: يقول: دواؤه الكسر. قال:إنما يطيع إبليس أولياؤه. مرض رجل من الأعراب فعاده جاره فقال: ما تجد؟ قال: أشكو دمَّلاً آلمني وزكاماً أضرَّ بي. فقال:أبشر فإنه بلغنا أن إبليس لا يحسد شيء من الأمراض ما يحسد على هاتين العلتين لما فيهما من الأجر والمنفعة، فأنشأ الأعرابي يقول:
أيحسدني إبليس دائين أصبحا ... بجسمي جميعاً دمَّلاً وزكاماً
فليتهما كانا به وأزيده ... رخاوة فحلٍ ما يطيق قياما
قال أبو جعفر المنصور لأبي جعونة العامريّ من أهل الشام: ألا تحمدون الله بأنا قد ولينا عليكم ورفع عنكم الطاعون؟! قال: لم يكن ليجمعكم الله علينا والطاعون.
قيل لبعضهم: أراك تكره الغزو، وما يكرهه إلا جبان أو متهم؟ فقال: والله إني لأكره أن يأتيني الموت على فراشي، فكيف أسافر إليه مسافة بعيدة.
عرض بعض القواد أصحابه، فمر به رجل معه سيف رديء، فقال له: ويحك ما هذا السيف؟! أما علمت أن الرجل بسيفه؟ فقال أصلحك الله أيها الأمير، إنها مأمورة. قال هذا مما يقطع شيئاً.
قيل لابن سيرين: من أكل سبع رطبات على الريق سبَّحت في بطنه، فقال ابن سيرين: لئن كان هذا هكذا فينبغي للوزينج إذا أكل أن يصلي الوتر والتراويح.
قيل لابن السَّمَّاك في زمن يزيد بن معاوية: كيف تركت الناس؟ قال: مظلوم لا ينتصف وظالم لا ينتهي.
قال معاوية لرجل من أهل اليمن: ما كان أحمق قومك حين قالوا: " ربنا باعد بين أسفارنا " أما كان جمع الشمل خيراً لهم؟ فقال اليماني: قومك أحمق منهم، حين قالوا: " الَّلهمَّ إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السَّماء، أوائتنا بعذابٍ إليم "، أفلا قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه.
قال رجل للرقاشي: ما يجب على المؤمن في حق الله؟ قال: التعظيم له والشكر لنعمه، قال: فما يجب عليه في حق السلطان؟ قال: الطاعة والنصيحة. قال: فما يجب عليه في حق نفسه؟ قال: الاجتهاد في العبادة، واجتناب الذنوب. قال: فما يجب عليه في حق العامة؟ قال: كف الأذى وحسن المعاشرة. قال: فما يجب عليه في حق الخليط؟ قال: الوفاء بالمودة وحسن المعونة.
قال بعض الجلّة لأعرابي من بني تميم يمازحه: يا أعرابيّ! من الذي يقول:
تميمٌ ببطن اللُّؤم أهدى من القطا ... ولو سلكت سبل المكارم ضلّت
فقال: لا أعرفه. ولكن أعرف الذي يقول:
أعضّ الله من يهجو تميماً ... ومن يروي لها أبداً هجاءا
ببطن عجوزةٍ وبإست أخرى ... وأدخل رأسه من حيث جاءا
دخل طفيليٌّ دار قوم بغير إذن، فاشتدّ عليه صاحب الدار في القول، فأغلظ له الطفيلي في الجواب، وقال له: والله لئن قمت إليك لأدخلنك من حيث خرجت. فقال صاحب المنزل: أمّا أنا فأخرجك من حيث دخلت، وأخذ بيده فأخرجه.