إذا كان في بخله محكماً ... وحلّ من المجد أعلى الدّرج
وجاءك يخطب زنجيةً ... مشوّهة الخلق فيها هوج
فلا تحفلنّ به خاطباً ... ولا تفرحنّ ولا تبتهج
وإن كان سمحاً جميل الفعال ... كريماً جواداً فإنّ الحرج
وإن القطيعة في صرفه ... ولو جاء يخطب إحدى المهج
بغير صداق لإعساره ... وما عسر منتظر للفرج
قال حمّاد عجرد، وتروى للعتّابي:
إن الكريم ليخفي عنك عسرته ... حتى تراه غنيّاً وهو مجهود
وللبخيل على امواله عللٌ ... رزق العيون عليها أوجهٌ سود
إذا تكرهت أن تعطى القليل ولم ... تقدر على سعةٍ لم يظهر الجود
أورق بخير ترجّى للنوال فما ... ترجى الثمار إذا لم يورق العود
بثّ النوال ولا تمنعك قلته ... فكلّ ما سدّ فقراً فهو محمود
وقال منصور الفقيه:
ما بالبخيل انتفاعٌ ... ولكلب ينفع اهله
فنزّه الكلب عن أن ... ترى أخا الكلب مثله
أخبرنا عبد الوارث،قال:حدثنا أبو عيسى،قال:انشدني ابن المعلم لعلى بن الجهم:
وإذا الكريم أتيته بخديعةٍ ... ألفيته فيما تروم يسارع
ليس الكريم كما ظننت بجاهلٍ ... إن الكريم لفضله يتخادع
قال آخر:
لا تطلبن إلى لئيم حاجةً ... واقعد فإنّك قائماً كالقاعد
يا خادع البخلاء عن أموالهم ... هيهات تضرب في حديدٍبارد
قال آخر:
طعامه النجم لمن رامه ... وخبره أبعد من أمسه
كأنّه في جوف مرآته ... يرى ولا يطمع في لمسه
قال آخر:
إن كنت تطمع في كلامه ... فارفع يمينك عن طعامه
سيّان كسر رغيفه ... أو كسر عظمٍ من عظامه
وقال دعبل بن على الخزاعي:
لئن كنت لا تولى يداً دون إمرةٍ ... فلست بمولٍ نائلاً آخر الدّهر
وأىّ جواد لم يجد في ملمٍة ... وأي بخيل لم ينل ساعة الوفر
وقال منصور الفقيه:
راجى البخيل وضيعٌ ... كما البخيل وضيع
وما يقول سوى ذا ... في ذين إلاّ رقيع
للعرزمي ويروى لأبي الأسود الدؤلي:
وإذا طلبت إلى كريم حاجةً ... فلقاؤه يكفيك والتسليم
وإذا طلبت إلى لثيم حاجة ... فألحّ في رفق وأنت مديم
وقال آخر:
إذا سست قوماً فاجعل الودّ بينهم ... وبينك تأمن كلّ ما تتخوّف
فإن خفت من أهواء قومٍ تشتّتاً ... فالبالجود فا جمع بينهم يتألفّوا
فإن كشفت عنك الملمات عورةً ... كفاك غطاء الجود ما يتكشف
قال ابن شهاب:الكريم لا تبخله التجارب.
ويروى عنه أنه قال:إن الكريم لا تحكمه التجارب.
وسئل الحسن بن علي رضى الله عنهما عن البخل،فقال:هو أن يرى الرجل ما ينفقه تلفاً،وما أمسكه شرفا.
قال طاووس:البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه،والشّح أن يشح بما في أيدي الناس،ويحب أن يكون له ما في أيديهم بالحلّ والحرام ولا يقنع.
وقال أبو العتاهية:
وإن امرءا لم يربح الناس نفعه ... ولم يأمنوا منه الأذى للثيم
وإن امرءًا لم يجعل البّر كنزه ... وإن كانت الدنيا له لعديم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حسب المؤمن دينه، وكرمه تقواه، ومروءته عقله ". ويروى نحو هذا من كلام عمر أيضاً.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لرجل من ثقيف: " ما المروءة قال الصلاح في الدين، وإصلاح المعيشة، وسخاء النفس، وصلة الرحم. فقال عليه السلام: " هكذا هي عندنا في حكمة آل داود ".
تذاكروا المروءة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكثروا فيها، فقال: " أما مروءتنا فأن نعفو عمن ظلمنا، ونعطى من حرمنا، ونصل من قطعنا ".
قال منصورالفقيه:
أعلن وهبٌ كرمه ... في وصله من صرمه